تتصدر منطقة خفض التصعيد في إدلب مشهد الأحداث اليوم، وتتكشف معها الكثير من الحقائق الجديدة التي تميط اللثام عن ماهية الارتباط العضوي بين التنظيمات الإرهابية ونظام أردوغان من جهة، وبين تبعية الجهتين إلى الأوامر الأميركية من جهة أخرى، حيث بات من الواضح تماماً أن النظام التركي هو من يتولى الوكالة الحصرية لإدارة الحرب الإرهابية في ساعتها الأخيرة على الشعب السوري، وأن إرهابيي النصرة ومن ينضوي تحت رايتهم السوداء هم الجزء الرئيسي المكمل لقواته الغازية المحتلة، وما متزعمي الإرهاب بجميع انتماءاتهم الإجرامية سوى قادة ألوية أو كتائب لدى جيش المحتل التركي.
في إدلب تحتشد جميع التنظيمات الإرهابية من (النصرة وداعش والتركستاني وأنصار التوحيد وجند الأقصى) وغيرها من التسميات الإرهابية تحت راية العثماني الجديد، لأن معركة إدلب هي معركة مصير ووجود بالنسبة للضامن التركي على وجه الخصوص، وللدول والأنظمة الداعمة للإرهاب عموماً، والمشغل الأميركي يضع كل إمكانياته العسكرية واللوجستية للإبقاء على أدواته في تلك المنطقة، لتشكل حائط سد يؤخر تقدم الجيش العربي السوري باتجاه التنف والجزيرة السورية، معقل وجود المحتل الأميركي وقواعده وميليشياته الانفصالية، لإدراك الأميركي اليقين بأن حسم المعركة في إدلب وريف حماة يعني الضربة القاضية للمشروع الصهيو أميركي برمته، سواء في سورية أو في المنطقة ككل.
أميركا تستثمر أداتها التركية إلى أقصى الحدود، واستغلت الولاء التركي في تمزيق اتفاق سوتشي بكل جزئياته وتفاصيله، حتى أن الروسي بات يدرك هذه الحقيقة من خلال تنصل أردوغان المتعمد للاتفاق، خوفاً على مرتزقته الإرهابيين، وهذا ما يبدو أكثر وضوحاً من خلال الإجراءات التي يتخذها المحتل العثماني في العمل على توطين عشرات الآلاف من إرهابيي النصرة وعوائلهم في مدن الشمال بدل السكان الأصليين، كعفرين وأعزاز والباب وجرابلس والراعي بريف حلب الشمالي، والتعجيل في مساعيه الرامية إلى تغيير ديموغرافية تلك المدن، وفرض الطابع التركي عليها من خلال تغيير التركيبة السكانية وأسماء طرقاتها وساحاتها والعمل على فرض تعليم اللغة التركية في مدارسها.
نظام أردوغان وغيره من الأدوات الأميركية يسابقون الزمن في إعادة خلط الأوراق، لإبقاء سورية في دوامة العنف والإرهاب، وقطع أي طريق يمكن أن يؤدي إلى حل سياسي، لا سيما وأن الحلول السياسية تم شطبها من القاموس الأميركي والغربي، لتكون الكلمة الفصل اليوم للميدان، الذي يفرض إيقاعه الجيش العربي السوري، غير آبه لأي تهديد ووعيد، فهو مستمر في خوض معركته ضد الإرهاب، ويصنع الكثير من الإنجازات، وروحه القتالية العالية ستثمر قريباً، فالنصر النهائي على مرتزقة أردوغان وترامب وجميع أقطاب العدوان بات على الأبواب، فلم يسبق للجيش أن خاض معركة ضد الإرهاب إلا وكان النصر حليفه.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 12-6-2019
رقم العدد : 16998