تأخذك تلك القلاع التي تتربع في غير مكان من التشيك إلى عوالم مغرقة في القدم وإلى حضارات استطاعت أن تتمثل معنى الخلود، فهي تربض شامخة وشاهدة في الآن نفسه على تراث يحكي عظمة شعب، وخلود أمة.
واستطاعت مدينة براغ أن تنتزع اعجاب السياح، فكانت الخيار الرائع للمسافرين والمهتمين بالتاريخ والفن المعماري، فهي منطقة القصور والقلاع، وهذا ماشهدناه في معرض» القلاع في التشيك» الذي افتتح في المتحف الوطني مع توقيع مذكرة تفاهم بين الجمهورية التشيكية والجمهورية العربية السورية لتشكيل بعثة تنقيب عن الآثار وإعادة ترميمها بعد تدميرها في الساحل السوري.
ولم يكن هذا اللقاء مصادفة فالجمهورية التشيكية يسجل لها موقفها ضد الإرهاب، وهذا ماأكده د. فيصل مقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين اذ قال: ساهمت الحكومة التشيكية طيلة الأزمة التي مرت بها سورية في مساعدة الشعب السوري لتجاوز أزمته من جهة، واستمرار البرامج الثقافية بين البلدين من جهة أخرى، كما أكدت على علاقاتها مع سورية بأعلى المستويات، فقد كان لها اليد البيضاء في الحفاظ على آثار سورية، والاتفاقية الثنائية بين الطرفين هي خير دليل على ذاك التعاون.
ولايختلف اثنان على أن الجمهورية التشيكية هي أرض الحضارات ومن أجمل بلدان العالم يؤمها السياح من أصقاع الأرض كافة، فهي أرض الجمال والشعب الجميل، والسوريون مستعدون لمقابلة هذا الجهد التشيكي بما يكافئه من جهد في سعي لتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والحضارية والإنسانية.
وشهد المعرض الذي ضم صورا لأهم القلاع في التشيك اهتماما واسعا من المهتمين بشؤون الآثار للاطلاع على تجربة التشيك في الحفاظ على تراثها ومحاولة الاستفادة عبر الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، فقد بين ميشيل لوكش المدير العام للمتحف الوطني في جمهورية التشيك، أن السعي جاد للتعاون في الحفاظ على الآثار السورية التي تشكل غنى للتراث الإنساني العالمي، ولحظة افتتاح المعرض هي انطلاقة جديدة لاستمرار التعاون بين الطرفين، وقد تم إنشاء فريق عمل تنقيب مشترك بين الطرفين التشيكي والسوري، وبدىء بتوريد العديد من الآلات والتجهيزات اللازمة للقيام بترميم الآثار، فالعمل سيكون طويلا ومن سعادتنا المساهمة فيه.
ولم يقتصر هذا التعاون على إنشاء فريق عمل تنقيب، بل يمتد ليشمل جوانب ثقافية أخرى بينها توفيق الإمام معاون وزير الثقافة: إننا حريصون على تعزيز العلاقات في المجالات كافة، وقد سبق هذا المعرض توقيع مذكرة تفاهم بين المتحف الوطني في براغ، ومديرية الآثار والمتاحف في سورية، ونتمنى أن يشمل التعاون العلاقات الثقافية كافة» المتاحف والآثار، السينما، المسرح، الفنون، وبتوجيه من محمد الأحمد وزير الثقافة ستوضع كامل الإمكانات لنجاح هذا التعاون.
لاشك تساهم المعارض والفعاليات الثقافية بين البلدين في التعرف على ثقافات الشعوب، والمعرض الذي أقيم في المتحف الوطني كما بين د. محمود حمود المدير العام للآثار والمتاحف هو بداية تعاون مثمر سيظهر في المرحلة القادمة، وقد وقعنا اتفاقية لتأسيس بعثة تنقيب مشتركة سورية تشيكية في منطقة الساحل في تل الشاميات للكشف عن الحضارة السورية العظيمة إنسانية الطابع، وسيكون لهذا التعاون أثره الكبير في الحفاظ على آثارنا وإعادة تأهيل ماخربته يد الإرهاب الآثمة، من خلال ماتقدمه جمهورية التشيك من أجهزة ومواد ترميم بتنا نفتقدها بسبب العقوبات الجائرة على بلدنا.
الحفاظ على التراث الحضاري الإنساني لاشك هو واجب وطني يفرض على الجميع مهمة التعاون مع فرق التنقيب والترميم لإعادة تأهيل المواقع الأثرية التي تعرضت للتخريب والدمار.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 14-6-2019
رقم العدد : 17000