ترتفع حدة التهديدات بحروب جديدة، نتيجة السياسة الأميركية والإسرائيلية العدوانية في المنطقة، والانجرار الأعمى لبعض الأنظمة خلف تلك السياسة، ما يشكّل خطراً حقيقياً، لن تقتصر آثاره على الدول التي ما زالت تعيش أيام الحرب الراهنة، بل ستمتد إلى أخرى ظنّت نفسها بعيدة عن حمم الأحداث ولهيب التصعيد.
خط المعارك البياني يعلو إلى قمة السلم، ويقابله تمسّك سورية وحلفائها بمواقف مبدئية لا يمكن التنازل عنها، وأهمها وحدة الأراضي السورية واستقلالية القرار، ومحاربة الإرهاب حتى القضاء على آخر مرتزق، والبدء بمرحلة جديدة تتخللها إعادة الإعمار، وبناء الدولة على أسس متينة، ولهذا تستجيب الحكومة لأي مقترح لوقف القتال من شأنه حماية المدنيين وحقن الدماء، لكون مفتاح الحل والربط بيدها، وكذلك زمام المبادرة، وتدير الدفة بكل ثقة واقتدار.
لم يعد اليوم أمام تكتيك واستراتيجية واشنطن الكثير من الوقت، رغم العقوبات التي تفرضها وتعمل على توسيعها، ورغم الابتزاز والضغط الذي تمارسه على الشركاء حيناً، أو الترغيب بالتعاون حيناً آخر، لأن أي حماقة قد ترتكبها سوف تشعل المنطقة برمتها، ولن يكون هناك للأطراف التابعة أي دور في إطفاء الحرائق التي ستأتي على مناطقهم وربما عروشهم وزعاماتهم، لأنه على الرغم من معرفة أميركا بأن ذرائع بقائها غير منطقية أو شرعية، وليس لها أي مبرر، ما زال مسؤولو البيت الأبيض ومستشارو الرئاسة يبحثون عما يسوّغ ذاك البقاء، في خطوة لجعل سورية ساحة صراع إقليمي ودولي جديدة، عبر الضغط على محور المقاومة، والعمل على إخراجه من معادلة الحسابات، متناسين أن ثمة أرقاماً صعبة في تلك المعادلة، لا يتحقق الحل أو يكتمل من دونها، وهذا يضع أولئك المستشارين والباحثين في مواقف حرجة وخيارات صعبة سوف تظهر آثارها مع إشعال الشرارة الأولى.
بالتأكيد أميركا لا يهمها الأضرار التي تسببها لشعوب المنطقة، ومستمرة بالتحري عما يحمي مصالحها، بالإضافة لأمن الكيان الصهيوني المزعوم، وذلك عبر التنقل على أكتاف الممالك والمشيخات وأصحاب المحميات الذين راقت لهم اللعبة، والقبول ببعض الأدوار الثانوية، وهو ما يجعل محرك البحث لديها يعمل وفق كلمات مفتاحية محددة لن يتعداها مطلقاً.
لكن ما تسجله سورية وحلفاؤها على الأرض فاجأ أميركا ومن يقف خلفها أو يحتمي بظلها، كما أصاب الإرهابيين ومشغليهم وداعميهم بالصدمة، وهو ما يدفعهم لمراجعة حساباتهم في الكواليس، ظنّاً منهم أن الخطط التي يرسمونها سوف تكون أنجع وأفضل مما سبقها، وأن الاعتداءات التي ينفذونها والمتمثلة بخرق الاتفاقات بهدف الإلهاء والاستنزاف وإطالة أمد الحرب، سوف تؤتي أكلها، لكنها بالتأكيد سوف تبقى مخطئة ولن تتمكن من السير نحو المشروع الذي بات معروفاً وعناوينه واضحة.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 14-6-2019
رقم العدد : 17000