على كثرة ماأثير وقيل، وخاصة في الآونة الأخيرة، عن التشكيل الحروفي، يبقى أن نشير إلى مسألة جوهرية تتعلق بسبل الإرتقاء بهذاالفن، الذي أعتبره البعض حرفة أو مهنة في كل حالاته وتجلياته، وهنا يكمن الغبن الواضح الذي يلحق بالفن الحروفي الحديث، المرتبط بأهم رمز من رموزنا الحضارية وهو الحرف العربي.
حتى الذين يمارسون الصنعة أو الحرفة لايجوز القول بأن أعمالهم في سوية واحدة، فكيف إذاتعلق الأمر بالفن الحروفي الحديث والمعاصر، الذي يمكن تجديده باستمرار، وإكسابه طابع الحيوية والإبتكار والمرونة.
وإذا كانت المحافظة على قواعد الخط الثابتة أو على أصالة الحرفة، هي مطلب ملح للتواصل مع خطه النقي، فإن اعتماد الرشاقة والحيوية في صياغة اللوحة الحروفية الحديثة، تعطي التجديد لهذا الفن ضمن ثنائية الأصالة والمعاصرة.
وإذا كان الخطاط الفنان يتحمل عناء استعادة القواعد الاتباعية، في دقتها و يتواصل في ذات الوقت مع خطها الجمالي المتجدد، فهذا يعني قدرته على تحقيق خطوات الوصول إلى درجة من الإتقان والابتكار، وهذا يحتاج بالطبع إلى موهبة ومهارة وخبرة، حتى يعطي الخطاط – الفنان أشكالاٌ حروفية مغايرة وخبرة مختلفة، عن الوحدات التقليدية للحركات الحروفية المطروحة في السوق الاستهلاكي، وهنا تبدأ معه مرحلة إنتاج أعمال لها اسلوبيتها وجمالياتها الخاصة.
وهذا يعني أن صياغة التشكيلات الحروفية المتجددة ليست تقليداً فحسب، كما يصور البعض، وإنما تشكل ميداناً فنياً يتاح فيه للموهوب بالبروز والظهور، وعندما نتحدث عن الجوانب الفنية، يكون في حسابنا أن الذي تخرجه الورش لتحقيق الأرباح السريعة، ليس إبداعاً يضاف إلى هذه المهنة.
والمطالبة بتطوير الفنون الحروفية الحديثة، لا تعني الوصول بها إلى حالة الشك والإلتباس والإشكاليات القائمة في العديد من التجارب الحروفية العبثية، التي تعتمد التغريب، وإنما يجب تجديدها، ضمن صياغات عقلانية ومتوازنة، تحقق اللمسات السحرية التي تخطف الأبصار وتترك في القلوب فسحة إعجاب ودهشة.
facebook.com adib.makhzoum
أديب مخزوم
التاريخ: الأحد 16-6-2019
الرقم: 17001