بهدف نقل القطاع الصناعي من العشوائية إلى التنظيم .. منظومة دعم حقيقية تضم أكثر من 56 قراراً لتبني الإنتاج الحقيقي في مختلف القطاعات وبشكل متكامل
القيمة الحقيقية للإنتاج المحلي التي اعتمدتها الحكومة انطلاقاً من شعار (الاعتماد على الذات) التي لم يكن اعتمادها من باب الترف، بل حلاً وحيداً في ظل الظروف الاقتصادية والعقوبات القاسية المفروضة على سورية.
فتدمير القسم الأكبر من المكون الصناعي الوطني والحصار الجائر، فرض حتميّة إعادة ترميم هذا القطاع الحيوي والهام، وبات من الضروري بمكان خلق بيئة تمكينية له عبر سلسلة من الإجراءات والقوانين التي تبلور ربما سياسة مستقبلية تعمل على تنظيم عمل القطاعات الصناعية بعيداً عن العشوائية، وصولاً إلى بناء قطاع وطني يستطيع أن ينهض بمشروع إعادة الإعمار وتحقيق معادلة الأمن الاقتصادي الداعم لاستقلالية القرار الوطني.
وتفعيل العملية الإنتاجية
في هذا السياق، اتخذت الحكومة مجموعة قرارات تزيد عن (56) قراراً على مدى العامين الماضيين لدعم قطاعي الصناعة والاستثمار والعودة مجدداً إلى ممارسة هذا القطاع لدوره في معادلة النمو الاقتصادي، بعد أن فاقت خسائره 100 مليار دولار، وعودة المدن والمناطق الصناعية والورشات الحرفية إلى العمل وتفعيل العملية الإنتاجية، مع الاستمرار بتطوير معامل القطاع العام الرابحة بالتشاركية مع القطاع الخاص الصناعي لإعادة تنشيط المعامل المتوقفة عن الإنتاج.
دعم مباشر للمستثمرين
التشريعات التي تم إصدارها في هذا الإطار توزعت بين الدعم المادي والإجرائي، وشملت تخصيص 20 مليار ليرة كدعم مباشر للمستثمرين و20 ملياراً كدعم للفوائد المترتبة على المقترضين، وإعادة تأهيل البنى التحتية للمدن والمناطق الصناعية، وتسهيل انسياب البضائع والسلع المستوردة.
أما بالنسبة للمناطق والمدن الصناعية، فقد اتخذت الحكومة قراراً باستثمار رأس المال الموظف في البنى التحتية للمدن والمناطق الصناعية والحرفية لتؤدي دورها الإنتاجي والاقتصادي، واستمرار التوسع بالخدمات المساعدة فيها كفروع المصارف وشركات التأمين ومدّ شبكة من السكك الحديدية لنقل الأشخاص والبضائع وتسهيل عملية التسويق وتشييد مدينة عمرانية في كل مدينة صناعية.
وهنا نشير إلى أن الدعم الحكومي المقدم للمدن الصناعية وصل في عام 2017 إلى 8 مليارات ليرة في حين استقطبت هذه المدن استثمارات تقدر بـ 750 مليار ليرة ، كما بلغ حجم المساهمات للمناطق الصناعية والحرفية الإجمالية منذ عام 2016 750 مليار ليرة.
سياسة التصنيع المحلي ودعم التصدير
هذا وكان للإعفاءات التي أصدرتها الحكومة خلال الفترة الماضية دورها في دعم وتحفيز الاستثمار الصناعي، حيث وجد الصناعيون أنفسهم أمام مسؤولية كبيرة لجهة تحسين المنتج السوري الذي كان منافساً في السوق الخارجية وإعادته إلى وجهاته التصديرية، خاصة بعد بدء تطبيق استراتيجية مكافحة التهريب والعمل على إيجاد البدائل للمنتجات المهربة ما كان يدخل إلى الأسواق السورية بجودة متدنية وبأسعار أكبر من استطاعة المواطن بحجّة أنه (منتج أجنبي).
ولجهة إحلال المستوردات ودعم التصدير عمدت الحكومة إلى انتهاج سياسة التصنيع المحلي لإنتاج سلع استهلاكية مستوردة ، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال عبر وضع الركائز الأساسية لسياسة إحلال بدائل المستوردات التي من شأنها تقليص فاتورة الاستيراد إلى الحدود الدنيا وتحقيق الاكتفاء الذاتي واستقلالية القرار الاقتصادي وتشغيل اليد العاملة.
وبناءً على دراسة إحلال بدائل مستوردات 27 سلعة من بين 40 سلعة تضمنتها قائمة المستوردات، تم تحديد السلع المقرر تصنيعها محلياً استناداً إلى ثقلها في قوام فاتورة المستوردات وتحديد القطاعات المستهدفة بما ينسجم مع التوجهات التنموية في الصناعة، والتوجه نحو القطاعات الرائدة في القطاع الخاص التي تملك مقومات التطور والنمو.
أيضاً شجّعت الحكومة قطاع التصدير واستهداف الأسواق الخارجية عبر تقديم الحوافز التصديرية، و تعزيز دعم المعارض الخارجية بما يساهم في توسيع أسواق التصدير وتخفيض الرسوم الجمركية وغيرها وتقديم تسهيلات كبيرة للقطاع الخاص انطلاقاً من مبدأ التشاركية، لاستقطاب المستثمرين ورجال الأعمال، للوصول إلى شراكة حقيقية، تكون من خلالها مستعدة لاتخاذ جميع الإجراءات والقرارات بما فيها إصدار القوانين والإعفاءات والقروض للصناعيين ضمن شروط محددة ووفق آليات جديدة بهدف إحداث نقلة في أداء القطاع الصناعي ليمارس دوره الرئيسي بتحقيق نمو في الاقتصاد الوطني.
الإعفاءات
التشريعات تضمنت الإعفاء من ضرائب الدخل لمدد زمنية محددة أو ما يدخل فيها المكون المحلي أو الضريبة على الأرباح ، والمرسوم 172 لعام 2017 المتضمن تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50 % على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعات المحلية، حيث تأتي أهمية هذا المرسوم من شموليته للمواد الأولية ومدخلات الإنتاج، ليشمل هذا الدعم طيفاً واسعاً من المواد الصناعية صاحبة الدور في تسريع دوران عجلة الإنتاج الصناعي، كما أسهم المرسوم في تنشيط عمليات التصدير وتحقيق الميزات التنافسية للمنتجات السورية، وتخفيض أسعارها في السوق المحلية والحد من تهريب السلع المماثلة رغم أن الخزينة العامة خسرت جزءاً من وارداتها عبر هذا التخفيض للرسوم الجمركية في مقابل دعم الصناعة المحلية وقدرة المواطن الشرائية.
حسم ديناميكي
واستمراراً لدعم عجلة الإنتاج، استمر العمل بالمرسوم التشريعي 51 لعام 2006 المتضمن إعفاء الحسم الديناميكي للضريبة على الدخل، حيث تم إعطاء المنشآت الصناعية المقامة في المناطق الصناعية النائية درجتين، ودرجة واحدة للمنشآت الصناعية التي تستخدم 25 عاملاً أو أكثر، ودرجتين للمنشآت التي تستخدم 75 عاملاً فما فوق، و3 درجات للمنشآت التي تستخدم 150 عاملاً فما فوق، ودرجة واحدة للمنشآت المقامة ضمن المدن الصناعية، والنتيجة كانت أثراً إيجابياً في دعم الصناعة الوطنية من حيث كثافة العمالة وتشجيع إقامة منشآت في المناطق النائية.
كما صدر في العام 2017 القانون رقم 14، الذي أعفى البضائع المنتجة محلياً في حال تصديرها للخارج من رسم الإنفاق الاستهلاكي، كما أعفى المرسوم التشريعي رقم 15 لعام 2001 الصادرات السورية المنشأ من المنتجات الزراعية والصناعية والاستراتيجية باستثناء (صادرات النفط الخام والمشتقات النفطية والفوسفات) وعمليات الإدخال المؤقت من أجل التصنيع وإعادة التصدير من الضريبة على الدخل.
دمشق – ماجد مخيبر:
التاريخ: الاثنين 17-6-2019
الرقم: 17002