المرحلة الراهنة يكتنفها الغموض، نتيجة السياسة المتضاربة، والمواقف المتباينة في تصريحات الإدارة الأميركية، وبالتالي فالمعطيات تتغير بين ليلة وضحاها، وكذلك النتائج التي يجب أن تبنى على أساسها، إلا شيء وحيد لا يتبدل وهو نيات واشنطن المبيتة والمعروفة، والتي يتم تحريك الأطراف التابعة وفقها، وأقلها التخطيط لبقاء دائم في المنطقة، لأن الخروج يعني لها الموت.
بالتأكيد ملامح وأسس سياسة الولايات المتحدة، تحددها مجموعة قوى من اللوبيات ومراكز التأثير في اتخاذ القرار، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمنطقة وإسرائيل، والمصلحة التي تجمع بينهم، والدليل ما يجهد لفعله أولئك من ممارسات عدوانية بحق الجولان المحتل وفلسطين المغتصبة، وما طفا من مكائد على السطح يجهزون لها بمساعدة بعض الأنظمة التي اعتلت الموجة الغربية ولم تستطع النزول عنها.
وعلى صعيد الحرب الإرهابية على سورية تسعى واشنطن لإيلاج مرتزقتها مجدداً من نافذة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية المحرمة دولياً، وجعلها في أيديهم، وبذلك تحقق هدفين في آن معاً، فمن ناحية تكون التهمة التي تنوي توجيهها للحكومة السورية هذه المرة كبيرة وعلى قدر من الأهمية، ومن جانب آخر تستخدم سلاحاً فتاكاً ضد وحدات الجيش العربي السوري، تظن أن من خلاله تستطيع تعديل كفة إرهابييها الموغلة في أوحال الهزائم والانهيارات، لكن بالتأكيد لن تحقق أياً من تلك المرامي، وستجد نفسها مضطرة للبحث عن أساليب أخرى في دفاترها العتيقة، رفقاً بحبال سياستها المهتزة والمضعضعة.
حرارة حسم المعارك في إدلب في مرحلة الغليان، ورسائل سورية وحلفائها في جيب البوسطجي التركي وعلى مسامعه تختزل الموقف بكلمات محددة، أهمها سحب القوات التركية من الأراضي السورية، ووقف تدريب وتسليح المجموعات الإرهابية، في وقت يجب أن تعرف أن أي اتفاقات معها لا تتعارض مع محاربة الإرهاب، وأن العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش العربي السوري ضرورية، لكونها تأتي رداً على خروقات إرهابيي (النصرة) وغيرها، وما غير ذلك يطبق بشكل تام.
المخاطر التي تهدد المنطقة نتيجة سياسة الغرب وعلى رأسه أميركا، باتت أكثر من أن تعد أو تحصى، وتؤسس لحروب إقليمية وقد تكون دولية تبدأ، لكنها لن تنتهي وسوف تترك آثاراً كارثية جديدة تمتد إلى العالم أجمع، كما أن داعمي الإرهاب ما زالوا يتهربون من التزاماتهم، ولا يحترمون ماضي العلاقات وحُسن الجوار، ويهدمون بأيديهم الركائز التي بنيت عليها جسور التعاون.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 21-6-2019
رقم العدد : 17006