(في المصطلح النقدي القديم.. السّلخ) عنوان كتاب صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب للدكتور حمود يونس ب96 صفحة من القطع الصغير.
تضمن الكتاب أربعة أقسام الأول: المعنى اللغوي والاصطلاحي والثاني: تاريخ المصطلح, والثالث: السّلخ ومصطلحات مشابهة والرابع: أنواع السّلخ.
يناقش الكتاب مصطلحاً نقدياً قديماً وحديثاً هو السّلخ, ويحرر دلالاته ويوصل محتواه, ويفض التداخل بينه وبين ماتدانى منه في الدلالة: المسخ والنسخ وأين تقع هذه المصطلحات الثلاثة من مفهوم «السرقة الأدبية» أو «التوارد»؟
ويعد المصطلح النقدي حسب الدكتور يونس أنه من أهم الأدوات التي يعتمد عليها الناقد ويحتاج إليها في ممارسته النقدية, وهو الشيء الذي لايمكن للناقد أن يستغني عنه أو يتجاوزه في العملية النقدية, ومن هنا كانت عناية النقاد قديماً وحديثاً كبيرة بالمصطلح النقدي, واحتل جزءاً كبيراً من اهتمامهم, وهذا مانجده مبثوثاً في الكتب النقدية منذ أن بدأ عود هذا النقد يشتد في القرن الثالث الهجري, واستمر بتطور حثيث إلى قرون تالية, كنا نشهد فيها تطوراً واضحاً في تأصيل المصطلحات وتحديدها وتعريفها, مع الإشارة إلى اختلاف النقاد فيما بينهم أحياناً في تعريف تلك المصطلحات أو في تحديد مفهوماتها أو تسمياتها, ونحو ذلك مما يتعلق بقضايا المصطلح المختلفة.
ويتجلى اهتمام النقاد بالمصطلح النقدي أكثر في قضية السرقات الشعرية, وذلك من خلال دراستهم لأنواع السرقات وأشكالها وحالاتها وطرائقها, فأوجدوا لذلك كله المصطلحات المناسبة, التي تراكمت عبر الزمن, وتوالي الأعصر, وتداخل كثير منها مع غيره, سواء أكان ذلك بالتسمية أم بالتعريف, أم بالشواهد ونحو ذلك بما يلاحظه الدارس لحركة المصطلح النقدي عموماً والمتصل بقضية السرقات الشعرية خصوصاً, واختلف النقاد فيما بينهم بطرائق بحثهم لتلك المصطلحات وبكيفية دراستها فأجمل بعضهم وأوجز وفصّل بعضهم الآخر وأطنب.
(المعنى اللغوي)
سَلَخَ الإهاب يسلُخه ويسلَخه سلخاً: كَشَطَهُ.. وشاةُ سَليخُ: كُشِطَ عنها جلدُها.. وانسلخ النهار من الليل: خرج منه خروجاً لايبقى معه شيء من ضوئه..
فالسلخ في معظم معانيه اللغوية هو أخذ شيء قليل من شيء كثير, أو أخذ جزء من كلّ, بحيث إن المأخوذ أقل من المأخوذ منه, فجلد الشاة جزء منها, والشهر جزء من السنة, وثياب الرجل جزء منه, وقشر الحية بعضُ منها, ولايخرج عن هذه المعاني إلا النهار والليل, فالنهار ليس جزءاً من الليل, فهما قد يتساويان وقد يكون أحدهما أطول من الآخر بحسب توالي أيام السنة وشهورها وفصولها, ومهما يكن من أمر هذا الفرق البسيط, فالسلخ بمفهومه اللغوي العام هو أخذ شيء من شيء آخر.
(المعنى الاصطلاحي)
اختلف العلماء في تعريف السلخ, فأبو هلال العسكري ينقل ماسمعه عن بعضهم من أن السلخ هو: أخذ المعنى ببعض لفظه, وليس بلفظه كله, بينما ابن رشيق القيرواني فينتقل عمن أسماهم ببعض الحذاق من المتأخرين, أن السلخ هو أخذ المعنى مع تغيير في بعض لفظه.
أما ضياء الدين بن الأثير فيعرّف السلخ بقوله هو إخراج المعنى في معرض جميل وهيئة حسنة مأخوذاً من سلخ جلد الشاة, لأنه أخذ بعض الشيء المسلوخ.
واما الجرجاني فقد عرفه بقوله: هو أن تعمد إلى بيت فتضع مكان كل لفظ لفظاً آخر في معناه.
القزويني رأى أنه أخذ المعنى وحده دون اللفظ, وجمع بينه وبين الإلمام فجعلهما شيئاً واحداً, وقسمه إلى ثلاثة أقسام يقول: وإن كان أقسام فهو المأخوذ المعنى وحده, سُمّي إلماماً وسلخاً وهو ثلاثة يتفق في تعريفه هذ مع ابن الأثير في أن السلخ هو أخذ المعنى, إلا أنه يختلف معه في نقطتين أساسيتين: الأولى هو أنه لاينص في تعريفه على ضرورة أن يحسن الآخذ في أخذه ممن سبقه كما فعل ابن الأثير الذي أكد ضرورة الحسن في الأخذ والثانية: جمعه بين السلخ والإلمام وهذا مالم يفعله ابن الأثير.
واختتم د.حمود يونس كتابه بمجموعة نتائج أهمها: اهتمام النقاد العرب بالمصطلح النقدي وقضاياه المختلفة, وكان ذلك منذ بداية النقد المكتوب في أوائل القرن الثالث الهجري, واستمر مع تطور هذا النقد ونضجه شيئاً فشيئاً.
اختلاف النقاد في كثير من المسائل المتعلقة بالمصطلح, وعدم اتفاقهم أو إجماعهم على أشياء ثابتة فيها, ورغبة النقاد في تطوير المصطلح النقدي, وعدم الوقوف به عند حدود نهائية.
ammaralnameh@hotmail.com
عمار النعمة
التاريخ: الاثنين 24-6-2019
الرقم: 17007