هي تجربة إنسانية تتلخص تفاصيلها بمجموعة قصصية قصيرة جدا تخلق الدهشة والهاجس في محاولة للوصول إلى النهايات لتعطي طعما فنيا خاصا أراد من خلالها الأديب محمد ياسين صبيح أن يأخذنا بسرده إلى إمكانات جمالية متعددة ذات دلالات تحمل مفارقات وأحداثاً غنية ممتعة هي قصص سردية حملت الماضي والمستقبل بصور إبداعية نقلت واقع الحرب، الموت، الصراع، والفقر، والظلم فكانت قضايا تمس القارئ من كافة الجوانب، تميزت هذه المجموعة بقصر لوحاتها لكن برغم ذلك استطاعت لفت انتباهنا واستحوذت علينا تلك العناوين: رؤية، رسم، بوصلة، طيران، تاريخ، الحرب، سفر وغيرها.
ففي قصة حملت عنوان (إنسان) تطرق فيها الكاتب إلى ما صنعه الإنسان عبر العصور وماقدمه من إنجازات في كل عصر فيقول:
في العصر الحجري صنع مدينة من صوان..
في العصر البرونزي صنع حرفا من طين..
في العصور القديمة صنع سيفا وتاجا من ذهب..
أما في العصر الحديث.. فصنع موتا من حروف وصوان وحديد وإيمان.. ولم يفلح في صنع ابتسامة ناقصة..
وفي قصة أخرى بعنوان (هاجس) تناول فيها هاجس القلق من الوحدة والفقدان:
يجتاحه القلق.. جسده يملأ ارض غرفته الوحيدة.. توارى الأصدقاء والغربان..
وحده المفتاح في يديه: لم يجد له باباً..
وفي قصة (المبدع) جسد شيئا من واقع المبدعين هذه الأيام فرغم كثرتهم إلا أن البعض منهم مجرد محاولات مزيفة متصنعة للإبداع:
وضع السيجارة في فمه، وأمسك جريدته، ووضع رجلا على أخرى، بينما تتدلى ربطة عنقه المهملة..
وحاول أن يصبح مبدعاً.. استهلك رئتيه بالدخان.. واستهلكت حنجرته بالحبر..
وهكذا تكون تلك المجموعة هي نافذة اطل منها الكاتب على أرضه من جدران تهدمت، تضمنت 70 صفحة وهي صادرة عن دار بعل للطباعة والنشر.
يذكر أن الأديب والدكتور محمد ياسين صبيح شاعر وقاص سوري لديه العديد من الأعمال الشعرية والقصصية المنشورة في المجلات والجرائد الثقافية المحلية والعربية وبعض الدراسات النقدية للقصة والشعر.
رانيا صقر
رواية (الجزيرة الأخيرة)، الفائزة بجائزة سامي الدروبي للترجمة – العام 2018. تأليف: فاسيلي بتروفيتش تيشكوف – أودويفسكي، ترجمة: عياد عيد، لوحة الغلاف: الفنانة سفيتلانا سافيتسكايا.
تصور هذه الرواية واقع حياة مزرعة جماعية، إبان الحقبة السوفييتية، يذهب رجالها إلى الحرب ضد الغازي النازي.
تستطيع النساء والفتيان إدارة عجلة العمل والتصدي لأعمال التخريب والفساد، وحماية البيئة. إنها ملحمة تشهد على عظمة النساء واستبسالهن في الكفاح من أجل الحياة. وفي هذا السياق ترسخ قيم الإخلاص للوطن والعمل والأخوة والسلام.
إن هذه العناصر، بالإضافة إلى جمال الأسلوب وعمق المعالجة الدرامية للحدث الروائي وقدرة المترجم على نقلها بكفاءة عالية، أعطتها المرتبة الأولى في جائزة سامي الدروبي للترجمة – دورة 2018.
يسرنا أن نقدم للقارئ عملاً روائياً متميزاً رسالةً وتقنيةً ولغةً، وفي الوقت نفسه يكتنز شروط المتعة الفنية والمعرفية أيضاً.
رواية (الجزيرة الأخيرة)، تأليف: فاسيلي بتروفيتش تيشكوف – أودويفسكي، ترجمة: عياد عيد، تقع في 640 صفحة من القطع الكبير، صادرة حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2019.
***
في «بارقة شجن» المجموعة القصصية الأولى للقاص الشاب أحمد رزق حسن إشارات واضحة إلى موهبة قصصية واعدة دخلت باب الكتابة بعد أن أتقنت أدواتها وقرأت مدارسها بوعي وتمكن واضح من بنائه القصصي ولغته الحالمة وتنقله بخفة بين السرد والحوار في القصص القصيرة وقدرته على الاختزال والتعبير في القصص القصيرة جدا والومضة القصصية.
بارقة شجن الصادرة عن دار دلمون الجديدة إثر فوزها بجائزة الكلمة المركز الأول مجموعة تنوعت بين الهم الوطني الذي كانت أهم بواعثه تلك الحرب الإرهابية التي شنت على سورية فتركت أثرها الواضح على قصص حسن كما في «حراس الفجر» إضافة إلى الهموم الإنسانية التي يطرح فيها آمالنا وأحلامنا كبشر كما في قصة «على قيد حلم» والهموم الاجتماعية التي تجلت في كثير من قصص المجموعة.
كما يبث القاص شجونه وأحلامه وآماله عبر مجموعة من القصص القصيرة جدا كـ «خيانة» و«إرادة» و«قهر» و«خذلان» إضافة إلى ما أطلق عليه القاص اسم الومضة القصصية التي تختصر الفكرة ببضع كلمات مثل «عقاب»..(استوى بيت الباطل حطمته رياح الحق) وربما يختزل تلك الومضة إلى كلمتين إضافة للعنوان مثل «نكران» (حصنهم رجموه).
***
تتجلى قضايا المرأة والمجتمع الريفي المتمسك بالعادات والتقاليد في مجموعة «حواء» القصصية للقاصة الشابة سالي العلي محاولة الإضاءة على جمال طبيعة هذا الريف وطيبة أهله مع سيطرة بعض الخرافات العالقة في العقل الجمعي لديهم من الزمن الماضي.
صدرت المجموعة التي هي باكورة أعمال القاصة عن دار دلمون الجديدة للطباعة والنشر إثر فوزها بالمركز الثالث في مسابقة الكلمة بعامها الثاني.وتعالج العلي في معظم قصص المجموعة معاناة المرأة السورية وآمالها وأحلامها كما في «نوبة اضطراب» و«نظرة حب» و»مفتاح» كما تعالج قضية الجهل وسيطرة الخرافات على الفكر في بعض القرى النائية والبعيدة عن معطيات العصر.. «تقع تلك القرية المهجورة أعلى السفح.. أبنية قديمة من الحجر وحظيرة إلى جانب كل منزل لتربية الماعز» مشيرة إلى أن التعامل مع هذه الخرافات يكون بسلوك طريق العلم فتقول «لا أظن أن ابنتكما يسكنها الجن.. سيكون الأجدر أن تأخذوها إلى طبيب نفسي».
تقع المجموعة في 113 صفحة من القطع المتوسط وسبع قصص تتراوح بين القصيرة ومتوسطة الطول منها «قنديل» و«فراق» و«رمادي».
التاريخ: الخميس 27-6-2019
رقم العدد : 17010