من يجول على مطاعم دمشق ذات التصنيف العالي وفنادقها ذات الخمس نجوم، وكذلك مركز الحدود اللبناني السوري، يلاحظ وجود ازدحام كبير لطبقة تملك رؤوس الأموال وتعيش حياة الذخ والرفاهية والترف، وبالمقابل من يجول في الأحياء الشعبية والشوارع والأسواق وعلى مواقف الباصات يلاحظ وجود شريحة واسعة تعيش في ظروف صعبة تعبر عنها الوجوه، وبين الشريحتين توجد شريحة غير ظاهرة تعيش الكفاية وهي تنتمي إلى الطبقة الوسطى التي تلاشت كثيرا وبما يعبر عن خلل في بنية المجتمع والحالة الديموغرافية للمجتمع السوري، اذ يُمكن من خلال تلاشي الطبقة الوسطى قراءة مؤشرات الوضع المعيشي للمجتمع، فعندما تكون الطبقة الوسطى هي الأعلى يكون الوضع المعيشي في أحسن حالاته، وعندما تتلاشى فالأمر يدل على الوضع المعيشي السيئ للناس.
للخروج من الوضع المعيشي المتردي للمواطنين لا بد من العمل لإعادة بناء الطبقة الوسطى، والأمر يتم من خلال أمرين، الأمر الأول من خلال نظام ضريبي عادل يخفف عن الفقراء وتُطبق شرائحه العليا على الأغنياء، والأمر الثاني من خلال الإنفاق العام وتصحيح مفهوم الدعم لا رفعه، مع الانتباه إلى تأثير هذه الأمور على المرحلة المقبلة مع تدني مستوى الخدمات في اغلب القطاعات، ولو أخذنا على سبيل المثال انعكاس تدني مستوى التعليم في هذه المرحلة على المرحلة المقبلة يُمكن القول: إن انخفاض الدخل لدى المدرسين في المدارس الحكومية أدى إلى انخفاض مستوى التعليم العام، وبالتالي أصبح دخول أبناء الشرائح الفقيرة إلى الجامعات حلماً، ولكن بالمقابل نرى أصحاب رؤوس الأموال يرسلون أبناءهم الى المدارس الخاصة، ومن بعدها الجامعات الخاصة، وهذا سيكون له انعكاس خطير وسيؤدي إلى طبقية في التعليم بدأت مظاهرها تتوضح منذ الآن كما سيؤدي الى انخفاض الحافزية عند الطبقة الفقيرة والتي منبعها تحسين الوضع المعيشي بالاعتماد على التعليم بينما تغيب الحافزية في الطبقة المترفة لانها تبلغ اهدافها بالمال.
لابد من الالتفات إلى الطبقات الفقيرة ذات الغالبية المجتمعية لإعادة بنائها وإنتاج الطبقة الوسطى لأنها عماد المجتمع.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 2-7-2019
رقم العدد : 17014