ما تمّ إعلانه مُؤخراً من أنّ اجتماعاً للدول الضامنة لصيغة أستانا سيُعقد قريباً – بوقت لاحق من الشهر الجاري – إضافة إلى ما جرى الإعلان عنه من أنّ المبعوث الأممي غير بيدرسون سيزور سورية قريباً بعد زيارة مُقررة له لموسكو، ربما يُوحي ذلك من جانب بأن المسار السياسي يَتقدم، وقد يوحي من جانب آخر بأن الأطراف المُعادية سجّلت تراجعاً صارت معه أقرب إلى التسليم بفشل مشروعها.
لا نُقلل من أهمية ما تمّ إنجازه على المسار السياسي، غير أنه من الإنصاف ووجوب الواجب أن نُسجل – هو ما ينبغي أن تَعرفه جميع الأطراف – بأنّ كل الذي أُنجز بهذا الاتجاه ما كان ليَحصل لولا التصدي المَلحمي للهجمة الشرسة، ولولا الصمود بمُواجهة منظومة العدوان وأذرعها الإرهابية، ولولا الثَّبات على المبدأ الذي جَسدته حكمة وشجاعة القيادة السورية، وتَرجمته بطولات الجيش، وتَمسك به الشعب السوري.
في الرصد المُوازي لحركة الأطراف المُعادية يُمكن القبض على الجزء الآخر من الحقيقة التي تَكشف عن أن هذه الأطراف لم تتراجع، إنما تبحث عن طرق التفافية تُمكنها من تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بالإرهاب، وبالتهديد والعدوان المباشر الذي ذهبت إليه واشنطن وكيانها الإسرائيلي المارق في مرّات ومرات كان آخرها العدوان الصهيوني قبل يومين، وهو ما لن تَغفل عنه دمشق، تُواجهه كمُخطط، وتُجهض أهدافه كمشروع، وبثقة تَكسر ما تبقى للعدوان من خطوات واحدة بعد الأخرى، ومن دون استعجال ستطوي آخر أوراقه.
صيغةُ أستانا وُلدت لغاية مُعالجة أوضاع شاذّة غير مَقبولة، تَضمنت مُحددات عمل وأداء لاجتثاث التنظيمات الإرهابية، ولها آليات اتُفق عليها يَنبغي احترامها والالتزام بها، وبالتأكيد لم تُولد لاسترضاء أحد ولا ليَحجز أيّ أحد مكاناً له على طاولة أو في جغرافيا، ثم إنها ليست مَفتوحة على الزمن إلى ما لا نهاية. إذا كان أحدُ أطراف أستانا – نظام اللص أردوغان – يَعتقد خلاف ذلك، فعليه أن يُراجع حساباته الواهمة!.
لجنةُ مُناقشة الدستور، الخلافُ عليها ليس فقط – كما تُروّج الأطراف المُعادية – حول بعض الأسماء، وهي لا تَتَشكل من أسماء وأرقام، بل هي مُجرد خطوة بمسار سياسي لا مكان للإملاءات فيه تحت مَزاعم التمثيل! ما أحجام مَن تَطرحهم أطراف العدوان؟ ثم إنها اللجنة التي لها مهمات لا بد من الاتفاق عليها، وعلى آليات عمل يجب تَحديدها، فضلاً عن تحديد البرامج الزمنية لها!.
لا يُمكن المرور من بوابتي صيغة أستانا واللجنة تلك، فالطريق الذي وجدته زمرة واشنطن عبر الإرهاب والعدوان مُغلقاً ستكون الطرق الأخرى حالها من حاله، لا العقوبات مُجدية ولا الحصار، لا مُحاولات التضييق، ولا التهديد، وأما إذا كانت واشنطن ترى إمكانية العبور بمُحاولة التخطيط للإبقاء على احتلالها في مُحيط التنف بذريعة منع الدواعش – الذين يُرممون أنفسهم حسب ادعائها – من العودة، فعليها أن تُفكر بلعبة أخرى، وأن تُعيد حساباتها قبل أن تُجرب!.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 3-7-2019
رقم العدد : 17015