بات معروفاً أن أي خطوة لإرساء الاستقرار في سورية، لا تشمل محاربة التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها فحسب، بل تتطلب خروج كافة القوات الغازية والمحتلة، وبذل جهود مضاعفة للحفاظ على اتفاق وقف القتال في مناطق خفض التصعيد، من أجل الاستمرار فيه، وهذا يندرج على الطرفين الأميركي والتركي اللذين يصبان الزيت على النار بعد كل هدوء أو توجه نحو إيجاد الحل، وبالتالي إذا لم ينسحبا فإنهما يفتحان الأبواب على مصراعيها لمزيد من المواجهة والصراعات التي لن تتوقف، ليس في المناطق التي يوجد فيها إرهابيوهم فقط، بل ستمتد الآثار لتلحق بمصالحهم أينما كانت.
طواحين الهواء التي تحاربها أميركا ومن معها تعطلت، وأضحت حجارتها خطراً على بعضها البعض، ولهذا تحوّل واشنطن سيل المعارك المزعومة مع «داعش» على القناتين البريطانية والفرنسية بهدف سد الفراغ الناتج عن خفض عدد قواتها الكاذب في الجزيرة السورية، بينما الحقيقة رفد تلك القوات بأعداد إضافية من الدول التي تتلطى تحت عباءة البيت الأبيض، والتي تفوح منها رائحة التآمر، في وقت تنتظر فيه تركيا المعجزات لحماية أطرافها من نواجذ إرهابيي «قسد»، في الوقت الذي يصر فيه نظامها على زج أكبر عدد من قواته المدرعة على الحدود وفي الأراضي السورية، ما يؤكد غرقه بالأوهام أكثر من أي وقت مضى.
في مخيم الركبان تنخفض وتيرة خروج النازحين الناجين من بطش الأميركيين وإرهابييهم، وهو ما يزيد الطين بلّة، ويزيد الأوضاع الإنسانية تدهوراً، ولاسيما في ظل الرغبة الجامحة للمعرقلين باستخدام اللاجئين دروعاً بشرية، وحماية أنفسهم من ضربات الجيش العربي السوري التي لم تكن بعيدة، لولا وجود المدنيين داخل المخيم المذكور، حيث يبتز مرتزقة أميركا أولئك، ويرفعون باستمرار الأثمان المطلوبة مقابل المرور من منطقة التنف حتى معبر جليغم للنجاة بأرواحهم.
أفعال أميركا وعملائها العدوانية، وإصرارهم على منع خروج النازحين يفضي إلى رغبة أولئك بالاحتفاظ بأراض سورية، ويطيل أمد الحرب ويعوق جهود التسوية المنتظرة على نار حامية، بعد أن قضى وجود القوات الأميركية في منطقة الجزيرة وما يحيط بها على آمال الكثيرين بالخلاص، وتسببت غارات ما يسمى بالتحالف بقتل آلاف المدنيين، وهو ما يفسر مطالبات منظمة هيومن رايتس ووتش لـ» التحالف» بتعويض المدنيين نتيجة الأضرار الناجمة عن الغارات التي شنها بحجة قتال»داعش» وبقية التنظيمات الإرهابية الأخرى منذ أيلول 2014.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 12-7-2019
الرقم: 17022