يرسم الشباب أحلامهم وطموحاتهم على طريق معبدة بالآمال، ويحملون راية الثقافة في جعبة زادها مستقبل يزهر بالعطاء الموشى بحب الوطن، وربما عالم الثقافة على اتساعه قد يضيق بهم بما يصادفونه من معوقات في تقبل بعض المؤسسات الثقافية الخاصة والعامة لنتاجاتهم كونها وحسب تقييمهم لما تنضج بعد.
وانطلاقا من أهمية دور الشباب في رفد عالم الثقافة وفنونه أقام لقاء شآم والقلم جلسته الدورية الشهرية في حوار مفتوح مع بعض المعنيين بالشأن الثقافي لمناقشة هموم الشباب والثقافة بعنوان «للثقافة نداء.. هل تشرّع الأبواب؟» أداره الباحث محمد الحوراني الذي رأى أن الحرب استهدفت الشباب وتركت آثارا مدمرة على حياتهم، وأنه من الضرورة بمكان العمل من أجل دعمهم ونكون معهم يدا واحدة في العمل والبناء، لهذا كان الخيار أن يجمع اللقاء بين قطاعي النشر الخاص ويتحدث باسمه د.نبيل طعمة صاحب دار الشرق للطباعة والنشر، والقطاع الحكومي المتمثل بالأديب مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب.
ويضيف: ربما يكون اتحاد الكتاب العرب المؤسسة الأقرب إلى مؤسسات المجتمع المدني بمعناه الحضاري، والشباب يعول عليه، ولايمكن تجاهل دور النشر الخاصة، فالعديد منها حاول استقطاب الشباب ودعمهم وتبني نتاجاتهم بالطباعة والنشر، وبالطبع لسنا في صدد الاستعراض، بقدر مانحن حريصون على النقاش بين القائمين على هاتين المؤسستين وبين الشباب وقضاياهم.
تفتقر للفكر المؤثر
لاشك أن الشأن الثقافي بشؤونه وشجونه يحتاج المزيد من النقاس والوقوف عند المشاكل التي تعترض الشباب والبحث عن حلول ناجعة لها، يقول د.نبيل طعمة فيما يخص قضية النشر: لقد اطلعت عبر سنوات طويلة على مؤلفات الشباب، فوجدتهم بطيئون في عملية التقدم والحماس، وخبراتهم تواكب الحاضر بأبعاده الضيقة لا بأبعاده المفتوحة التي تولد للأجيال القادمة الرؤى التي تبدأ من الكلمة، ويكون الإنسان هو المحراب الذي تدور فيه.
وفي كثير من الأحيان تقدم لنا روايات شبابية فلا أجد فيها أي فعل فكري حقيقي مؤثر، ونحن نريد فعلا ثقافيا حقيقيا وفعلا منتجا مؤثرا نصل به إلى الرقي والتطور والتقدم، وكل ماأتمناه من الشباب الاستفادة من المشروع الثقافي النهضوي، عندها سنكون جاهزين لطباعة ونشر وتوزيع أي منشور يقدم لنا من الأجناس الأدبية كافة.
بناء منظومة الوعي المعرفي
لاشك كشفت الحرب أمورا كثيرة أهمها المعاناة من احتلال العقل وغسيل الأدمغة التي تعرض لها الشباب في هذه الأزمة، يقول الأديب مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب: ومع ذلك فقد استطاع الجيش العربي السوري دخول عالم الأساطير والمعجزات والممثل الحقيقي له هو الشباب الذي سيج الوطن بدمه وروحه، ورغم قيامنا بالعديد من الندوات والمؤتمرات الثقافية عن معنى الثقافة، فقضايا الشباب كثيرة وشائكة، ليس أولها العطالة والبطالة وخصوصا للخريجين من الجامعات، مرورا بالفجوة بين اتحاد الكتاب وجامعة دمشق، ومابين الكاتب والطالب، فمشكلة الشباب أظنها تكمن في مسألة الانزياحات الكبرى وليس الانقلابات التي تمنع التقدم والتطور.
والمهم في الأمر العمل على بناء منظومة وعي معرفية وثقافية للتخلص من هذا الجحيم، لبناء عقول الشباب، ومحاولة إعادة هذا التواصل بين المراكز الثقافية والشباب، ودعا بدوره إلى تشكيل ورشة ثقافية مؤلفة من وزارات «الثقافة، الإعلام، التربية، اتحاد الكتاب العرب» للبحث في كيفية تطوير أدوات النشر والعمل على رد الهجمة الظلامية على سورية وخاصة لجيل الشباب، فالثقافة عمل جماعي ويد واحدة لاتصفق، ومن الهام أيضا نقل نشاطات اتحاد الكتاب العرب إلى الجامعات والتوجه إلى الطلاب أمل الأمة الواعد.
آراء واقتراحات
تعددت الآراء وتباينت مابين الشباب والمعنيين بالشأن الثقافي، ورغم أنها اتسمت بالشفافية العالية ولكنها لم تستطع الدخول إلى عمق المشكلة لإيجاد الحلول الناجعة لها، فقد رأى الإعلامي ديب علي حسن أن الحوار لم يلامس العمق تماما، واتحاد الكتاب العرب لايتواصل مع الإعلام، وإصداراته قديمة، ولايتقيد بشروط النشر، فقد أصدر مجموعة شعرية لشاعرة ليست عضوا فيه وقد تجاوزت ال55 من عمرها، هذا والإصدارات مازالت قديمة، واقترح تخصيص صفحة تعنى بأدب الشباب في الأسبوع الأدبي والموقف الأدبي، ليتاح للشباب فرصة تقديم نتاجاتهم عبر هذه المنابر الهامة.
وعرض جود الدمشقي لمشكلته وهو من فريق مئة كاتب وكاتب بالقول: أنه قبل رد الهجمة الظلامية الخارجية لابد من رد الهجمة الداخلية التي نعاني منها وهي عدم الاعتراف بنا أننا قادرون على العمل والانتاج في فنون الأدب كافة.
وبين شرف الدين رمضان أبعاد المشكلة التي يواجهها في علاقة الناقد بالشاعر، حيث نسف أحدهم قصيدته بسبب خطأ نحوي، وصنف النقاد في نوعين، إيجابي يمتلك أدوات وصفات الناقد، وآخر يمتلك أدوات النقد ولايملك الأسلوب، هذا إلى جانب عدم إيمانهم بمواهب وطاقات الشباب ماينعكس سلبا على علاقتهم مع المؤسسات الثقافية.
ومن جهته بين الأرقم الزعبي عضو اتحاد الكتاب العرب أنه سيتم استهداف الشباب في المحافظات كافة ضمن احتفالية العيد الذهبي للاتحاد عبر مسابقات في القصة والشعر، وسيتم اختيار ثلاثة أعمال فائزة من كل محافظة، وستقدم لهم الجوائز، وستطبع الأعمال الفائزة.
وسيكون في الفروع ناد للقراءة، ومكتبات صغيرة تشكل رافدا للنادي ومرجعا للبحث والدراسة، وعديدة هي المبادرات التي تعمل جادة من أجل خلق جيل يقرأ.
لاشك هناك جهود كبيرة تقدم من أجل النهوض بالواقع الثقافي الذي يعتبر الشباب جزءا منه، ولكن هل نستطيع أن نلملم تلك الجهود وصهرها في بوتقة واحدة من أجل النهوض بالواقع الثقافي ودعم نتاجات الشباب ليشكلوا رافدا حيا وفاعلا في المشهد الثقافي وبناء الأوطان.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الأحد 14-7-2019
الرقم: 17023