بين قمتين.. وهاوية

ثورة أون لاين:
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

يصعب على المنطق أن يقبل المقارنة، وقد يكون تجنياً على التاريخ والواقع أن يجريها أحد حتى لو كان من باب المصادفة، لكن يصعب على أي عربي أن يتجاهل ذلك حتى في إطار التمني، أو أن يتغاضى عما بعدها دون الغوص في تفاصيل المشهد ببعديه الإقليمي والدولي.

قمة بريكس وقمة الدوحة في التسمية كلتاهما قمة، الأولى أخذت أحرف أسماء دولها التي رجحت كفتها في الميزان الدولي، والثانية أخذت اسم من صادرت إرادة جامعتها وتاريخها وخرقت ميثاقها، لكن الفارق أن بريكس لا يوجد فيها ملوك ولا أمراء .. لا مشيخات نفط ولا إمارات غاز، والفارق أيضاً أن بريكس تبحث عن مصالح شعوبها وقرارها ينبع من إرادة هذه الشعوب، بل تتطلع إلى المساهمة بفاعلية في إعادة التوازن إلى مشهد العلاقات الدولية وقد خطت خطوات جادة باتجاه عقلنته.‏

فيما قمة الدوحة تمثل مصالح الغرب وتترجم أطماعه، ولا علاقة لشعوبها بالقرارات التي تصدر، وفي أغلبها ضد إرادة هذه الشعوب، بل تناقض تطلعاتها، وتحرض على المزيد من القتل والدمار والخراب والفقر والتجويع، لا دور لها في المشهد الدولي إلا كتابع يدور في فلك الغرب الاستعماري، وفي أفضل الحالات أدوات تخوض حروبه بالوكالة حسب الطلب ووفق الحاجة.‏

في بريكس سمعنا ونسمع كلاماً عن العلاقات الدولية والمبادئ والمواثيق والأعراف والأصول في التعامل، واحترام سيادة الدول والدفاع عن الحقوق المشروعة.. ورفض للإرهاب ودعوات لمواجهته وإيجاد الآليات اللازمة لمحاربته على المستوى الدولي، وفي الدوحة، سمعنا كل ما يمس سيادة الدول ورأينا الانتهاك الفاضح للمواثيق والأعراف، ولمسنا سوابق غير معهودة في التاريخ الدبلوماسي والسياسي، ووجدنا إصراراً على التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتورطاً في دعم الإرهاب وتسليح الإرهابيين!!‏

في بريكس، كانت روح الشرق وتعابير الشرق ولغة الشرق بلمستها الإنسانية، والنزوع نحو السلام والاستقرار والبحث عن سبل التعاون بين الدول والشعوب على أساس من المساواة والاحترام، والتطلع نحو إرساء عوامل الاستقرار والأمان في العالم كله، كانت فيها دول مسؤولة لها تاريخها ومساهماتها، وتعرف ما تتطلبه هذه المسؤولية وماذا تعني وما تستوجبه من إجراءات، وما تقتضيه من طروحات.‏

وفي الدوحة، كانت روح الغرب ومصطلحات الغرب ومفردات الغرب برائحة أطماعه الاستعمارية والسعي المحموم لتأجيج الصراعات والنزاعات، وإشعال الحروب وخلق عوامل الموت والدمار في منطقتنا كي ينعم الغرب وربيبته إسرائيل بالازدهار، فكانت أشباه دول مسلوبة الإرادة والقرار.. أغلبها لا يعرف من التاريخ ولا السيادة إلا ما كتبته حقول النفط والغاز، أو ما جاءت به أوامر العمليات، ولا تعنيها المسؤوليات ولا التداعيات ولا فيما تحمله مغامراتها السياسية في دعم الإرهاب وتوطينه وتهجينه، ومقامراتها في تسليح الإرهابيين، من تشظيات ستشطر العالم، كما مزقت وتمزق الأمة وتهدد المنطقة!!‏

ما يفصل بين القمتين أبعد من مساحات الجغرافيا ومواقيت التاريخ، وما يبعد بينهما أكثر من لائحة الفوارق التي تتسع لمزيد من الإضافات التي لا تقف عند حد، وما يفرق بينهما يمتد عميقاً في جذر المجابهة القائمة على امتداد خطوط التماس المتشكلة في كل الاتجاهات، ويتموضع بين فواصل التاريخ بجوانبه السياسية والفكرية والأخلاقية والقانونية حتى العقائدية.‏

لا مجال للمقارنة، لأن ما يترتب على قمة الدوحة يحفر خنادق، ويرفع سواتر وعوازل، سيكون من الصعب التكهن بنتائجها، أو الإحاطة بانعكاساتها.. وحدها قمة بريكس قد تفرمل بعضاً من انزلاقات خطيرة حصلت في الماضي وتحصل اليوم بشكل فاقع وغير مسبوق، وتحول دون الاستمرار في الصعود نحو حافة الهاوية، رغم صعوبة المهمة.‏

آخر الأخبار
خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية