من دون مُقدمات، هل يمكن طرح التساؤلات التي تَرسم علامات استفهام كُبرى عن دوافع التصريحات الأميركية المُفاجئة حول طهران، ولا سيما تصريحات دونالد ترامب التي تعمّدت التسرع بالحديث عن إحراز تقدم؟ وهل يُمكن القول عنها إنها حملة انتخابية مُبكرة لترامب؟
هل يُمكن اعتبار المُبادرة الفرنسية (الحراك الدبلوماسي الأخير) باتجاه طهران، حملة سياسية لتحسين صورة ايمانويل ماكرون، تُمهد مُبكراً لحملة انتخابية تَجبُّ إخفاقاته الداخلية والخارجية؟.
بوريس جونسون كمُرشح هو الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة البريطانية، هل يَبتعد بتأكيده (عدم تأييد الحرب على إيران) عن الأجواء التنافسية مع جيرمي هانت كمُرشح قوي لخلافة تيريزا ماي؟.
رَفعُ بنيامين نتنياهو نبرة التهديدات ضد إيران، ودخوله المُفاجئ على خط الاتهام بالأحداث الأخيرة في مياه الخليج، من بعد صمت إسرائيلي لافت ومُريب، هل يَندرج في إطار الحملة الانتخابية، بعد أن عاد إلى المُربع الانتخابي الأول؟.
إذا سَلّمنا جدلاً بفرضية أنه يُحتمل أن يكون ما تَقدّم ينطوي على بُعد سياسي يُلامس مسألة الحملات الانتخابية لهؤلاء، فالسؤال الذي ينبغي أن يُطرح هو: لماذا تَحتل إيران هذا الوزن الذي يَعتقد المُنخرطون بالسباق الانتخابي أنه مُؤثر في الرأي العام داخل مُجتمعاتهم؟ هل لأنها باتت بذاتها وبتحالفاتها لاعباً دولياً من طراز رفيع؟ أم لأنها تُشكل خطراً مَزعوماً تُؤمن به هذه المُجتمعات؟.
السؤال الأهم الذي يَبرز استطراداً هو: هل تَغفل طهران عن هذا؟ أم هي في حالة يقظة لا تُدرك فقط أسباب قوتها وتأثيرها، بل تُوظفها أحسن تَوظيف في خدمة قضاياها، وبدعم حلفائها، وبتَزخيم حالة التقدم في غير اتجاه، بمُقابل إجبار الخصوم على التراجع والانكفاء، وبإرغامهم على الاعتراف بها وبحلفائها، من بعد الإنجازات العظيمة المُتحققة لجهة إحباط مشاريع الاستهداف التي لم تُوفر أحداً، والتي لا تَخدم سوى الكيان الصهيوني وأنانية الغرب؟.
واشنطن – ربما – هي بحاجة لاستحضار اللحظات التي رافقت مُغادرة الرئيس جيمي كارتر البيت الأبيض والحَسرة تملأ صدره، وقد تَضاعفت عندما همسَ أحدهم في أذنه نبأ الإفراج عن الرهائن، ذلك أنّ الاستماع لكارتر مباشرة، أو استحضار تلك اللحظات المُسجلة والمُوثقة، قد يدفع البيت الأبيض ليَتعلم درساً جديداً، يَستفيد منه الفرنسيون والبريطانيون، ولن ينفع الصهاينة بالمُطلق!.
أثناء المُحادثات النووية – مع الدول الست – الطويلة الشاقة والصعبة، رفضت طهران بشكل قاطع إقحام أي موضوع أو ملف أو مسألة تتعلق بتحالفاتها وعلاقاتها وسياساتها الخارجية، وأصرت على إبقاء موضوع الحوار، التفاوض، المُحادثات، مُركزاً فقط على إنتاج اتفاق نووي مُكتمل تقنياً وفنياً من دون التحميل عليه حتى كلمة واحدة تَخص برامجها الصاروخية.
لماذا تقبل طهران اليوم إقحام اليمن والعراق بالمُحادثات، فضلاً عن برنامجها الصاروخي؟ ومتى ستجري هذه المُحادثات؟ وبأي أجواء؟ ستجري في ظل حرب اقتصادية أميركية مُعلنة! وبظل عجز أوروبا عن تفعيل آلية تجارية مالية من اقتراحها! وستجري بأجواء التهديد بالحرب، ناهيك عن أجواء انعدام الثقة بواشنطن من بعد انقلابها وانسحابها أحادي الجانب من اتفاق فيينا الدولي! اللعبة لم تنته بل بدأت للتو.
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 18-7-2019
رقم العدد : 17027