سوريا على منبر العالم.. خطاب الرئيس الشرع يعيد دمشق إلى قلب المشهد الدولي

الثورة – جهاد اصطيف:

في لحظة فارقة، شهد المساء العالمي اليوم، حدثاً استثنائياً طال انتظاره، السيد الرئيس أحمد الشرع يقف على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ليلقي خطاباً تاريخياً يعيد سوريا إلى قلب المشهد الدولي، بعد سنوات طويلة من العزلة السياسية والضغوط الاقتصادية والأمنية، هذه اللحظة لم تكن مجرد حضور بروتوكولي في اجتماع أممي رفيع المستوى، بل تجسيد لعودة بلد عانى الكثير إلى دائرة الضوء العالمي، حاملاً رسائل واضحة عن مسار جديد عنوانه الانفتاح، التوازن، والالتزام بالقانون الدولي.

تثبيت الوقائع

الرئيس الشرع وصل إلى نيويورك على رأس وفد رسمي رفيع المستوى للمشاركة في أعمال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعد هذه المشاركة الأولى من نوعها منذ ما يقارب ستة عقود التي يمثل فيها رئيس سوري بلاده بنفسه على منبر الأمم المتحدة.
الخطاب، الذي ألقاه الرئيس الشرع مساء اليوم، تناول عدة محاور أساسية، أهمها: تأكيد التزام سوريا بميثاق الأمم المتحدة واحترام القانون الدولي، والدعوة إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري، وإبراز رؤية جديدة للسياسة الخارجية السورية تقوم على الشراكات والتعاون، والتأكيد على دور سوريا الإقليمي في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

المشهد الشعبي في حلب

في الداخل، كانت مدينة حلب اليوم قلب المشهد السوري، وواكبت صحيفة الثورة، احتشاد آلاف المواطنين في ساحة سعد الله الجابري لمتابعة البث المباشر للخطاب، وسط أجواء من الفرح والفخر الوطني، ارتفعت الأعلام السورية، ودوت الهتافات التي عبرت عن اعتزاز السوريين بعودة بلادهم إلى المنبر الدولي بعد سنوات من الحصار.
لم يكن المشهد مجرد تجمع عابر، بل كان تظاهرة حب ووفاء، أكدت على عمق الالتفاف الشعبي حول القيادة السورية، أطفال وشباب وكبار في السن اصطفوا أمام الشاشة العملاقة، يترقبون كل كلمة ألقاها الرئيس باسم سوريا، بينما ألسنتهم تردد أناشيد وطنية وشعارات تعبر عن الانتماء والفخر.
بالنسبة لأهالي حلب، الذين ذاقوا ويلات الحرب والحصار، مثل هذا الحدث أكثر من مجرد خطاب سياسي، كان إعلاناً عن بداية مرحلة جديدة يرون فيها نافذة أمل لعودة الاستقرار والانفتاح والازدهار.

أبعاد العودة السورية

الخطاب لا يمكن قراءته فقط كحدث بروتوكولي، بل كتحول استراتيجي في مسار السياسة السورية، فعلى الصعيد الداخلي، عكس الخطاب رغبة القيادة السورية في إعادة دمج البلاد في النظام الدولي، وبعث برسالة طمأنة للمواطنين بأن معاناتهم لم تكن عبثاً، وأن سوريا قادرة اليوم على استعادة مكانتها بعد سنوات الحرب، وعلى الصعيد الإقليمي، مشاركة الرئيس الشرع تعيد سوريا لاعباً محورياً في قضايا المنطقة، من الأمن الإقليمي إلى قضايا الطاقة واللاجئين.
الخطاب يفتح باباً لإعادة تموضع سوريا بين شركاء عرب، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات استراتيجية كبرى، وعلى الصعيد الدولي تأتي كلمة الرئيس الشرع أمام الجمعية العامة في لحظة تشهد فيها الأمم المتحدة إعادة تقييم لدورها في ظل الأزمات العالمية.
سوريا، التي كانت معزولة، تعود الآن لتقدم نفسها كطرف راغب في الحوار والالتزام بالقانون الدولي، وهو ما قد يفتح الباب أمام مفاوضات جادة لرفع العقوبات وإعادة دمجها في المنظومة الاقتصادية العالمية.

الجمعية العامة كمنبر عالمي

منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس مجرد منصة خطابية، بل هو ساحة اختبار للشرعية الدولية، فمن على هذا المنبر خاطب زعماء العالم قضايا كبرى : من نيلسون مانديلا بعد سقوط نظام الفصل العنصري، إلى قادة تحدثوا عن إنهاء الحروب الباردة.
اليوم.. وقوف السيد الرئيس أحمد الشرع على المنبر ذاته يحمل دلالة مشابهة.. سوريا تعلن أمام العالم أنها طوت صفحة العزلة، وتدخل صفحة جديدة عنوانها الشراكة والتعاون.

شهادات شعبية

في لقاءات أجرتها “الثورة ” مع بعض المشاركين في ساحة سعد الله الجابري، يقول أمين عبد الغفور 55 عاماً: “لم أتخيل أن أعيش يوما أرى فيه رئيسنا يخاطب العالم من الأمم المتحدة، بعد كل ما مررنا به، أشعر أن تضحياتنا لم تذهب سدى”.
يارا صالح/ طالبة جامعية، قالت: إن هذه اللحظة تعطينا الأمل أن سوريا ستعود دولة طبيعية، قادرة على التفاعل مع العالم، وليس فقط محاصرة ومنعزلة .
أما المعلمة ليلى المصطفى، فقد قالت: كنت أدرس للتلاميذ عن الأمم المتحدة، واليوم أراهم يتابعون خطاب رئيسنا على الشاشة العملاقة ، إنه شعور لا يوصف. وتردف: ما جعل الخطاب لحظة فارقة ليس فقط ما قاله السيد الرئيس في الخطاب، بل ما مثله بالنسبة للسوريين في الداخل والخارج، ففي الوقت الذي كانت فيه الأمم المتحدة تستمع إلى صوت دمشق، كانت حلب تحتفل ، كما المحافظات الأخرى، والجاليات حول العالم تتابع بفخر.

هذه الأصوات تلخص التوقعات الشعبية المرتبطة بالخطاب، أمل بمستقبل أفضل، عودة للحياة الطبيعية، وانفتاح اقتصادي يخفف من معاناة السنوات الماضية .

اللحظة الفارقة

الخطاب ليس مجرد مناسبة سياسية عابرة، بل حدث مؤسس لمرحلة جديدة، فهو من جهة يؤكد عودة سوريا إلى المنبر الدولي، ومن جهة أخرى يعكس تطلع السوريين إلى الخروج من دائرة الحرب والعقوبات نحو فضاء الانفتاح والاستقرار .
لقد تحولت ساحة سعد الله الجابري في حلب إلى مرآة لهذا التحول، من مدينة عانت الدمار والحصار إلى مدينة تحتفل بعودة وطنها إلى الخريطة الدولية.

رسائل قوية

يمكن القول: إن خطاب الرئيس أحمد الشرع في الأمم المتحدة يمثل نقطة انعطاف كبرى في التاريخ السوري المعاصر، على المستوى الشعبي، حمل فرحاً وأملاً للسوريين الذين تابعوه بفخر، وعلى المستوى الدولي، بعث برسائل قوية عن استعداد دمشق لفتح صفحة جديدة . أما على المستوى السياسي، فهو إعلان واضح بأن سوريا عائدة لتكون فاعلاً رئيسياً في محيطها الإقليمي والدولي.
إنها لحظة تُسجّل في التاريخ، عنوانها :  سوريا على منبر العالم – من العزلة إلى الشراكة.

آخر الأخبار
"سيريا بيلد" الدولي للبناء في 26 الجاري حريق حبنمرة بحمص يحوّل ١٠٠ هكتار إلى يبابٍ أسودَ 7 مليارات  ليرة.. ديون على فلاحي دير الزور.. معاناة في ظل عجز السداد بيانٌ أمميٌ في مجلس حقوق الإنسان يرحّب بجهود سوريا ويشدّد على العدالة الانتقالية السعودية وقطر توقعان اتفاق دعم جديد لسوريا بقيمة 89 مليون دولار سوريا على منبر العالم.. خطاب الرئيس الشرع يعيد دمشق إلى قلب المشهد الدولي "حفاظ النصر " تكرم 2200 حافظ وحافظة للقرآن الكريم في درعا الشرع أمام الدورة الـ 80 للجمعية العامة: سوريا تعيد بناء نفسها وتبني فصلاً جديداً عنوانه السلام والا... الرئيس الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: انتصار الحق وولادة الدولة السورية الجديدة  كلمة الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. صياغة ملامح «العقد السوري الجديد»  مدير مؤسسة الوحدة للصحافة: الرئيس الشرع خطف الإعجاب قبل الخطاب بعد نحو ستين عاماً.. سوريا تعيد بناء دورها في الأمم المتحدة في خمس دقائق لخص الرئيس الشرع حكاية سوريا سوريا ترسم طريق النهوض والبناء مواطنون: الرئيس الشرع أوجز بتقنية الخطاب فن الرسائل بأبعادها من إدلب إلى نيويورك.. الرئيس  الشرع وصياغة نسخة جديدة من الإسلام السياسي الوطني إزالة السواتر تعيد حياة إدلب الاقتصادية والزراعية التحول نحو السوق الابيض.. تعزيز الشفافية والنزاهة بالاقتصاد "ميلوني" تلتقي الشرع وتعلن انخراطها في إعادة إعمار سوريا تفاهم استشاري بين "الأشغال العامة" وشركة دولية