ممثلون مؤطرون بـ (موديل)

مما لا شك فيه أننا لو نحّينا جانباً القدرات عالية المستوى التي يتمتع بها الفنان السوري لهوت الكثير من المسلسلات،

لأن العديد منها اتكأ على ما يمتلك من إبداع وخبرة وقدرة على تجسيد مختلف الشخصيات، حتى إن هناك مخرجين تركوا العنان للممثل لافتقارهم القدرة على القيادة، وبالتالي حتى في المسلسلات التي بدا فيها النص مهلهلاً والإخراج ضعيفاً والإنتاج شحيحاً، كان الممثل فيها هو طوق النجاة، فكيف الحال في الأعمال التي توافرت فيها الشروط الفنية والإبداعية؟.. وبالتالي هي بديهة لا يختلف عليها اثنان، بأن هناك ممثلين سوريين عمالقة كرّسوا مفهومهم للفن من خلال أدائهم الساحر والمُتقن.‏

هذه البديهية باتت تقابلها في السنوات الأخيرة بديهية أخرى في المطب الثاني من الحالة، فللأسف هناك فنانون نجوم وقعوا في مطب النمطية، واستكانوا في خياراتهم الفنية لصيغة (الممثل الموديل)، فابتعدوا رويداً رويداً عن الحالة الإبداعية وعن الشغف الذي كان يتملكهم نحو أفق أضيق في معناه الإبداعي وإن كان أرحب في معناه التسويقي، ولكن هل يكون هو الأبقى؟.. هنا مربط الفرس والسؤال الصعب، والأنكى أن هناك من وصلوا إلى مرحلة أعمت فيه النجومية بصيرتهم، فاستسلموا لغرور قاتل ومدمّر الأمر الذي ظهر حتى في طريقة أدائهم المتكلّفة.‏

هو فخ وقع به بعض ممّن شاركوا في أعمال درامية تلفزيونية وسينمائية، داخل وخارج سورية على حد سواء، وبعيداً عن ذكر أسماء بعينها لأن الهدف وضع الإصبع على الجرح بدافع الحب والحرص، من المؤلم أن يمتلك فنان رصيداً مهماً من أدوار متميزة تألق بها وأحبه الجمهور من خلالها وكان فيها مع كل مرة مختلفاً متجدداً باحثاً عن أدق التفاصيل، من المؤلم أن نراه اليوم حبيس جدران لا يقوى على الفكاك منها، وانحسر دوره ليبدو (موديل) ويحبه كثيرون انطلاقاً من هذا التقييم، لا بل هناك من حبسوا أنفسهم ضمن رتم أداء باتوا يكررونه نفسه كل مرة دون أي اجتهاد أو محاولة للبحث عن اختلاف أو عن مفردات جديدة، وإنما لجؤوا إلى الأداء كتكنيك دون روح خاصة تميزهم، وحسبهم أنهم يمتلكون كاريزما يحبها الناس، في حين أنهم هم أنفسهم استطاعوا قبل سنوات تحريك الراكد وخلق حالة إبداعية تشعرك بالدهشة.‏

من الأولوية بمكان التمثّل بفنانين باتوا اليوم من أعمدة الفن في سورية، وخاصة عندما يقول أحدهم إنه عندما يصور أول مشهد في أي عمل يشعر وكأنه يقف أمام الكاميرا لأول مرة، هذا الشغف والحب لا بد أن يسكن قلوب من يعمل في هذه المهنة، إننا أحوج ما نكون لهذه الروح بعيداً عن الغرور وعن النمطية في الأداء.. لا بد من وقفة تأمل مع الذات لانطلاقة تعيد ذلك الألق الحقيقي لفنانين لهم مكانتهم في القلوب وكل الخشية أن يتحولوا بعد سنوات من العطاء المميز إلى مجرد (موديل) بعد أن كانوا ممثلين لهم دورهم الفاعل والمؤثر عند الناس، فجذوة البحث الدؤوب هي مفتاح الاستمرار والنجاح.‏

فؤاد مسعد

fouaadd@gmail.com‏

الأربعاء24-7-2019

رقم العدد 17031

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية