بين متاهات الروح والجسد..كيـــف قــــــرأ الإبـداع تحـــــــولات الإنســـان..؟

بين الروح والجسد متاهات الحياة والإبداع, وعلاقات التفاعل والتلاقي, وكما يقول البعض, لاروح بلا جسد, ولاجسد بلا روح, وإذا ما انفصل أحدهما عن الآخر فالامر مرضي بشتى الآراء ولكن السؤال الذي يطرح نفسه جدليا وإبداعيا كيف يبدو الجسد بمنظار المشاعر, بمنظار العقل والشعر والفكر والفلسفة والفن؟
لن نقول بمنظار العلم فالأمر مختلف تماما ولم يكن الجسد منذ أن كان الانسان على الأرض وبدأ التعبير عن مشاعره, لم يكن خارج إطار التعبير عنه منذ أن بدأت الكتابة التصويرية رسما وحفرا على جدران الكهوف إلى ان استوت حرفا وابتكر الانسان اللغة واللون والتصوير وما إلى ذلك.
رهانات التهجين الجسد والثقافة, كتاب على غاية من الاهمية يبحث في هذه الجدلية, وهو من تأليف ابراهيم محمود, وصدر ضمن الدراسات المتميزة التي تصدرها دار الحوار باللاذقية, الكتاب دراسة تسبر هذه العلاقة الجدلية الخصبة والفاعلة, يبدأ فيها الكاتب منذ الخطوات الأولى لاكتشاف الانسان جسده وتحويله إلى موضوع للإبداع, ومن الطبيعي أن يكون الشعر الجاهلي كمرحلة أولى للنضج الابداعي, في مقدمة ما يتناوله الباحث محمود, ويمكننا أن نشير إلى شعر الملك الضليل (امرىء القيس),غيره من الشعراء, وربما كان وصف فرسه يحمل البذور الأولى لهذا التهجين الذي يتحدث عنه محمود.
يبدأ محمود بالحديث عن اللغة والتهجين, ففي كل ما يسمي اللغة يكون التهجين حاضرا بقوة في الجملة الفعلية ودلالاتها وهكذا الحال أيضا مع الجملة الاسمية, ولغتنا في مرتبة الأم والقابلة وغرفة الولادة معا, في كيفية الاسهام بإعطاء معنى لكل تركيب جملي وعلى قدر مرونتنا واهليتنا للابداع والمعرفة تكون دالة على ذلك.
يناقش الكتاب عناوين مهمة كما أسلفنا: رموز التهجين: الجسد وجلده, السيرة الجسدية لآدم, الكائن المهجن أبعد من حدود النسخ والمسخ, انحراف عن المسار المألوف, الحيوان بين النسخ والمسخ عربيا, مثال: الجاحظ أبعد من كونه مسخا, بورخيس ومقام المسخ, شذرة مع نسخ كافكا, موجز تاريخ تهجين الجسد في الفن, وعود التهجين في الادب والفلسفة والنقد, ليكن ذلك.
يقع الكتاب ب240 صفحة من القطع الكبير,وفي الفصل الذي يتحدث فيه عن موجز تاريخ تهجين الجسد في الفن يقدم الباحث قراءة ممتعة في سيرة هذا التهجين منذ ان كانت الكتابة في صور ورسوم وكان الجسد حصيلة هذه المعايشة النفسية التاريخية ومن زوايا مختلفة في امكنة مختلفة ولكأن الجسد يسرد تاريخا معنيا به.
ويخلص الى القول: كان للجسد في تعرضه لجملة مستجدات هي تيارات الفن المتعاقبة وفي ازمنة متقاربة جراء تسارع الاحداث في السابق ومع بدايات العشرين الماضي تضاعفت عملية التسارع ليكون الجسد كما هو العلم منطلق الحامل له. وخلاصة قوله كما جاء في مقدمته: التهجين الذي يمتلك أكثر من جواب على كل سؤال، أكثر من صورة للشيء الواحد، أبعد من تخوم المرآة التي تمنحنا وجهاً أحادي البعد، نهاراً يجري في اتجاه محدد، ذروة تحفّزنا على النظر إلى الأعلى، ناراً تأتي على ما تحرقه أو تنطفىء إن لم تجد ما يغذّيها، وهذه من حيث البنية: القاعدة اللامحدودة لأخلاقية «التهجين» الذي بخسناه حقه، ومازلنا نكابر عليه، وهو في كل ما يحوطنا، ويتدفق داخلنا من دم، ويجلو الشهيق والزفير، وما سطّرناه ونروم مجهولاً!
ماذا يعني هذا المقلق لنا، والذي يتأخر عنا ويتقدمنا، هذا الذي يتداخل مع الكذب ويجلوه؟
كثيراً ما نسمع في حياتنا اليومية وراهناً أكثر بكلمة»المهجَّن»، كما لو أنها تعني «الترويض» أو «التحكم بالشيء موضوع التهجين: ضبطه». على مستوى اللغة ودلالاتها، لا مفردة تحل محل الأخرى، أو «ترضى» لأن تنوب عنها، وهي تكون صورة طبق الأصل عنها. إنها من حيث المضمون اختلاق، أو ابتداع غير جائز، إن انطلقنا من العالم اللغوي وفضائه الدلالي لكتاب كل من مسكويه والتوحيدي»الهوامل والشوامل»، إنما هو من باب التجاوز، وفي هذا المنحى يمكن الربط بين التهجين والكذب، باعتبارهما قادرين على الدخول في عقْد دلالي ما يبقيهما معاً ضمن حدود معينة: فالكذب، إذا هو التنويع، فإن التهجين هو السعي إلى التوحيد أو الصهر بين عنصرين، أي لا مجال لتأكيد أي منهما.
Yomn.abbas@gmail.com

يمن سليمان عباس
التاريخ: الجمعة 2-8-2019
الرقم: 17040

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل تأهيل محطة مياه الصالحية.. وصيانة مجموعات الضخ في البوكمال بدء التقدم للمفاضلة الموحدة لخريجي الكليات الطبية والهندسية "العمران العربي بين التدمير وإعادة الإعمار" في جامعة حمص توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم منح دراسية تركية لطلاب الدراسات العليا "التعليم العالي".. "إحياء وتأهيل المباني والمواقع التاريخية" "مياه اللاذقية"... إصلاحات متفرقة بالمدينة "صحة اللاذقية": حملة تعزيز اللقاح تستهدف أكثر من 115 ألف طفل تفعيل عمل عيادة الجراحة في مستشفى درعا الوطني "المستشفى الوطني بحماة".. إطلاق قسم لعلاج الكلى بتكلفة 200 ألف دولار إطلاق حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال بالقنيطرة الألغام تواصل حصد الأرواح.. رسالة من وزارة الدفاع للسوريين حول الملف الصعب وطويل الأمد صندوق النقد والبنك الدوليين يبحثان استعادة الدعم لسوريا سفير سوداني: نعارض أيّ شكلٍ من أشكال تهجير الفلسطينيين