الملحق الثقافي:
ولدت فريدا كاهلو في السادس من تموز عام 1907 وتوفيت في 13 تموز 1954. كانت رسامة مكسيكية، انتشرت شعبيتها الكبيرة منذ ذلك الحين في جميع أنحاء العالم. ظهرت لوحاتها المتميزة بألوان نابضة بالحياة على النمط الذي تأثر بشكل أساسي بالثقافة المكسيكية والرمزية والسريالية والواقعية. إن نظرة فاحصة على فنها تعكس حياتها والألم من خلال صورها الذاتية.
عندما كانت طفلة، كانت فضولية وترعرعت لتهتم بالطبيعة والتصوير الفوتوغرافي والعلوم. في عمر ست سنوات، تم تشخيص فريدا بشلل الأطفال، مما أدى إلى ضعف ساقها اليمنى. ثم كسرت ساقها والعمود الفقري والقدم والأضلاع وعظام الترقوة والحوض. لقد لجأت إلى الرسم أثناء شفائها. ساعدت هذه الخطوة على تخفيف مشاعرها بالألم.
الآثار التاريخية
يجادل عدد من الباحثين بأن عمل كاهلو يمكن أن يقوض خلال النظر إليها على أنها شخصية مأساوية غريبة. بحلول الوقت الذي اقتربت فيه كاهلو من وفاتها، كان عملها معروفاً في كل من المكسيك والولايات المتحدة. زيادة منشورات أعمالها هو ما أدى إلى انتشار شعبيتها في أجزاء أخرى من العالم.
شجعت حياة كاهلو في ضوء مشاكل حياتها التي تهددها، وخصوصاً كيف انتصرت عليها، الكثير من الناس. وكانت الاحتمالات التي واجهتها ساحقة. بمعنى آخر، لقد تحولت منذ ذلك الحين إلى أيقونة ثقافية خاصة في التسعينيات. ارتبط الجسد بالعلاقة الوثيقة بين الجوانب السياسية والشخصية في حياة كاهلو. عند إدراك فنها، خرجت العديد من الفنانات في جميع أنحاء العالم بجرأة لعرض أعمالهن ومواصلة تطويرها.
تكتب بصرف النظر عن المقالات حول فنها الملهم، كانت هناك كتالوجات ومعارض تم تنظيمها على شرفها في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك ألمانيا واليابان والولايات المتحدة وإنجلترا.
يتم الكشف عن حياة النساء الخفية من خلال الواقع الأنثوي للوحات كاهلو. لا تزال المرأة تعاني من الداخل، لكنها لا تزال قادرة على تحمل وجهها المبتسم. لا تتمتع النساء عادة بالحرية في التحدث علناً عن قضايا أساسية. عندما يتم ذكر هذه القضايا بصراحة فإنها تتحول تلقائياً من البيانات الشخصية إلى البيانات الحزبية. لذلك يتم تصوير وعي كاهلو بوضوح في لوحاتها وليس في حياتها الحقيقية. تكشف اللوحة التي تحمل عنوان «ولادتي» في عام 1932 عن عملية الولادة، حيث تلعب النساء دوراً مهيمناً مقارنة بالرجال. الصورة مذهلة بشكل خاص للجمهور الغربي، لأن القضية لم تتم معالجتها في المنطقة.
لا تجذب حياتها وفنها الباحثات النساء فحسب، بل إنها تصل أيضاً إلى الجمهور العام. إن استمرار النضال والتصميم وخاصة بالنسبة إلى المرأة يتم إحضاره إلى الحياة.
وجدت أهمية فن كاهلو في لوحاتها وصور الوجه والأزياء وعالم السينما نفسها في التقويمات والمجوهرات والأفلام والبطاقات البريدية والقمصان. بمعنى آخر، تسللت حياة كاهلو وفنها إلى المجتمع الحالي الموجه نحو السلع. إن مساهمتها في الثقافات المختلفة في جميع أنحاء العالم واضحة، لأنها تحول أحزانها وألمها إلى حرفة.
كان معروفاً أن كاهلو كانت عرضة للنقد. لذلك لم تكن مفاجأة عندما انضمت لاحقاً إلى الحزب الشيوعي المكسيكي مع شباب متعلمين آخرين. يقال إنها تخلت عن المرح عندما غادرت ريفيرا. لقد نقلت معتقداتها الاجتماعية والسياسية، ونظرياتها وقيمها إلى الشباب. كانت إحدى المجموعات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بها، هي المجموعة التي تتكون من فنانين شباب. علمتهم لوحات جدارية. بقدر ما كان لفنها شعور سياسي، فإنها لم تشارك نفس المدرسة الفكرية مع منتقديها.
من خلال رسوماتها، كانت القومية الثقافية ممثلة تمثيلاً جيداً خلال حياتها. تم الكشف عن هوية المكسيك من خلال الملابس والمفروشات على اللوحات. كما اتسم فنها برموز ومواضيع مكسيكية أصلية، وبالتالي تداعيات ثقافية وسياسية في ذلك الوقت. اللوحة التي تحمل عنوان «ماذا أعطاني الماء» كشفت عن أصلها. تم الكشف عن تراثها الأوروبي والهندي من قبل امرأة عارية بيضاء وهندية، وهي تصوير للعلاقة بين إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية من حيث الاستمرارية التاريخية للإمبريالية، مبينة أيضاً ذلك في لوحات لكل منهما. بعد سنوات، نمت العلاقة بين هذه البلدان لتؤثر على المكسيك. كان هنود المكسيك مضطهدين مع استمرار ازدهار العلاقات التجارية بين البلدين. أصبح الوضع أسوأ خلال الفترة الاستعمارية والنيوكولونيالية. عانت المكسيك كما ازدهرت الدول الأجنبية.
انتقدت لوحات كاهلو القوى السياسية التي سعت إلى قمع المكسيكيين. كما استخدمت لوحاتها لإدانة النظريات والأيديولوجيات الرأسمالية، على سبيل المثال الإدانة الماركسية في مانهاتن.
تضامن كاهلو
كانت حريصة على الجمعيات وخاصة عندما كان ذلك يعني أن ممتلكاتها المادية يجب أن تتشارك بها مع الآخرين. لعبت أدواراً مهمة في الحركات التي انضمت إليها، لأنها كانت دائماً مستعدة لتقديم تضحيات لقضايا شعرت بأنها عادلة. كانت تأخذ الأمور بجدية طالما شعرت أنها مهمة.
كانت مهاراتها في العلاقات العامة أعلى بكثير من المتوسط، حيث كانت تستطيع قراءة نفسية جمهورها ومعرفة أفضل السبل للرد عليه. هذه القيمة هي التي أبقتها مستمرة في مختلف المنظمات التي ارتبطت بها. وقد دفعها حبها للفن نحو مساهماتها التي اعتقدت أن لها تأثيرات إيجابية ومحبة على المجتمع الذي عاشت فيه. كان تأثير ذلك هو الإعجاب الكبير المتزايد بفنها.
كانت فريدا كاهلو ملهمة للغاية لكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. كانت لديها قدرة خاصة على التخلص من لحظاتها المظلمة، مما يعني أن الألم الذي عانت منه كان له تأثير محدود عليها. يمكن استخلاص الكثير من الدروس من حياتها الاجتماعية. يجب أن يتم احتضان قيمها في التضحية، التعاطف، الحب والرعاية العامة في المجتمع الحالي. إن فكرتها عن التعبير عما يحدث في حياتها وخاصة مشاعرها العميقة، هي درس جيد حتى لفناني العصر الحديث؛ حيث يتم تشجيعهم على الكشف عما يشعرون به حقاً. هذا يساعد على إرسال رسالة واضحة من تجارب حياة الشخص.
التاريخ: الثلاثاء6-8-2019
رقم العدد : 17042