منذ عام 2011، يستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المسلحين والمرتزقة كقوات بديلة ضد الحكومة السورية. معظم هذه القوات محصورة الآن في محافظة إدلب بالقرب من الحدود التركية، ومؤخراً وخلال شهر آب المنصرم أحرز الجيش السوري تقدماً كاسحاً ضد قوات المعارضة هذه على اختلاف فصائلها والتي منيت بخسائر كبيرة عدةً وعدداً.
تركيا التي تحتفظ بنقاط مراقبة في محافظتي إدلب وحماة لم تحرك ساكناً لإنقاذ حلفائها. وفي الحقيقة إن وجودهم غير مجدٍ و سوف يستعيد الجيش السوري المحافظة بأكملها وسيتم القضاء على أولئك الذين يقاتلون القوات الحكومية، وعندما أدرك مرتزقة أردوغان أنهم علقوا بين فكي كماشة ورأى المسلحون المصير الذي ينتظرهم لم يجدوا أمامهم الآن إلا الفرار إلى تركيا .. إلى حضن مشغلهم الرئيس أردوغان… لكن لسوء حظهم تنكّر الأخير لهم وأدار لهم ظهره، فتركيا لم تعد ترغب بهم.
اليوم، حاول حوالي 1000 (مسلح) المرور من خلال المعبر الحدودي لدخول تركيا، وتُظهر مقاطع الفيديو رتلاً طويلاً من السيارات التي تقلّ عددًاً من المقاتلين الفارين مع أسرهم على الجبهة، حيث تمكن مئات الرجال من عبور الحدود التركية، ليتم طردهم من قبل قوات الجيش التركي باستخدام مدافع المياه والغاز المسيل للدموع وأخيراً الطلقات الحية ما تسبب بمقُتل اثنين على الأقل من المسلحين.
صرخ المحتشدون وبقوة (خائن… خائن…) ويقصدون بالطبع أردوغان الذي خذلهم، لا بل لم يقف الأمر عند هذا الحدّ فقد أحرقوا صوراً لأردوغان… منذ بداية الحرب ضد سورية، كانت (المجموعات الإرهابية) تأمل أن يقوم الجيش التركي بإنقاذهم أو على الأقل حمايتهم، إن ضغط تلك الجماعات التي باتت تريد مغادرة إدلب بعد سنوات من الحرب والقتال ضد الدولة السورية لن يتوقف لكن الاقتصاد التركي حالياً في حالة ركود، لا يوجد شيء يكسبه أردوغان من خلال السماح لعدد أكبر من اللاجئين بدخول تركيا بعدما أسهم ولسنوات في زعزعة استقرار جيرانه.
لكن اجتماع الأسبوع الماضي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأردوغان جعل المسلحين والإرهابيين يدركون أخيراً أن هذا لن يكون أبداً، فمنذ أن دخلت روسيا الحرب إلى الجانب السوري، تمكن بوتين من تحويل أردوغان من عدو إلى كلبٍ مروّض، لقد ذهب أردوغان إلى موسكو لبحث تفاصيل عقد الطائرات التي ستبيعها روسيا لتركيا.
بعد سنواتٍ عديدة من القتال، تخلى أردوغان عن مرتزقته في إدلب، بينما وافقت روسيا على وقف إطلاق النار، لم يحترم أردوغان من جانبه الصفقة، واستمرت الفصائل المقاتلة في إدلب في خرق الاتفاقيات ومهاجمة القوات الروسية والمدنيين السوريين، لكن القوات السورية والروسية ردتا بحملة قصف مكثفة وجيدة الأهداف واستأنفت تحرير المزيد والمزيد من الأراضي، ومنذ أسبوعين، قامت تركيا بمحاولة أخيرة لإيقاف الجيش السوري عن طريق إرسال قافلة من الإمدادات والقوات لمنع استعادة خان شيخون، حيث قُصفت القافلة وسقطت خان شيخون وباءت محاولات أردوغان بالفشل.
وأمام تقدم الجيش السوري ميدانياً ومحاصرة عدد من نقاط المراقبة، استسلم أردوغان، وعندها طلب خمسة من جنرالاته تقاعدهم، اثنان منهم رئيسان لمركزي مراقبة تركية في إدلب، ولاحقاً ذهب إلى موسكو وعقد صفقة مع بوتين، سورية ستعود إلى إدلب مقابل شراء طائرات مقاتلة روسية متطورة وتناول بوتين وأردوغان الآيس كريم بعد الاتفاق.
تستمر عمليات الجيش السوري والهدف التالي الأهم هو معرة النعمان التي يبلغ عدد سكانها قبل الحرب 80،000 نسمة. معظمهم ليس لديهم سبب للخوف من الحكومة السورية، لكن الكثيرين يريدون الفرار من القتال، وستكون هناك حوادث أخرى على الحدود وفي تركيا، يريد (المتمردون) الانتقام من الخونة الأتراك الذين دفعوهم لمحاربة الحكومة السورية ثم تركهم وراءهم عندما فشلوا في الفوز.
بقلم ميشيل لوبوان
عن Reseau international
ترجمة: محمود لحام
التاريخ: الخميس 5-9-2019
رقم العدد : 17066