الفن والدماغ

الملحق الثقافي: 

لا يمكن تخيل العالم من دون فنون، ولا يمكن لنا أن نتخيل القوة الدافعة للفنون التي أحدثت التغييرات في عالمنا منذ وجد. إن الكتابة حول تاريخ الفن، لم تصل إلى نتيجة مرضية حول دافع الفنون، وبقي كل ما يقال حول ذلك مجرد افتراضات واعتقادات. والآن، في عصرنا الحديث، ومع تطور العلوم، دخل علماء الأعصاب وعلماء النفس في ميدان الفن لتحليل الطريقة التي يتلقى بها الدماغ الفن، وانعكاس ذلك على النفس والجملة العصبية كاملة.
هناك كمية متزايدة من الأدلة العلمية التي تثبت أن الفن يعزز وظيفة الدماغ، وأن له تأثيراً كبيراً على أنماط موجات الدماغ والعواطف والجهاز العصبي، ويمكن أن يرفع بالفعل مستويات السيروتونين. يمكن للفن أن يغير نظرة الشخص وطريقة رؤيته إلى العالم. فالفن هو الفعالية العظيمة التي تدفع الإنسان إلى النظر إلى المستقبل بعين جديدة.
لقد وفرت عقود من البحث كمية من أكثر كافية من البيانات لإثبات أن تعليم الفنون يؤثر في كل شيء بدءاً من التحصيل الأكاديمي الشامل، وصولاً إلى التطور الاجتماعي والعاطفي، إلى غير ذلك الكثير. أثبت البحث أن الفنون تطور أنظمة عصبية تنتج مجموعة واسعة من الفوائد، التي تتراوح بين المهارات الحركية الدقيقة والإبداع والتوازن العاطفي المحسن. بكل بساطة، الفنون لا تقدر بثمن لعملنا السليم بشكل فردي وكمجتمع. ورغم أن إنتاج الفن فردي، إلا أن الفائدة التي يمنحها للمجتمع كبيرة جداً، إذ إنه يضع الأسس لسيرورة الإنسان على هذه الأرض.
تقول رينيه فيليبس: «الفنون هي عنصر حاسم في الرعاية الصحية. الفن التعبيري هو أداة لاستكشاف وتطوير وممارسة الإبداع كوسيلة للعافية».
الفنون مع العقل 

الأدلة التي خرج بها العلماء من أبحاث الدماغ، ليست سوى واحدة من أسباب كثيرة التعليم، والمشاركة في الفنون الجميلة مفيدة للعملية التعليمية. وكما يقول إريك جينسين، أحد العلماء الرواد في علم الأعصاب، في كتابه «الفنون والعقل في الدماغ»: «إن الأنظمة التي يتغذى الدماغ عليها، والتي تشمل قدراتنا الحسية، والانتباهية، والإدراكية، والعاطفية، والحركية، هي، في الواقع، القوى الدافعة وراء كل التعلم الآخر». إذاً، فإن الفنون، هي تلك المحفزات التي تدفعنا لتعلم الأشياء الأخرى.

هذه الفكرة عن كيفية عمل الفنون والدماغ معاً تدعمها دراسة أخرى، أجرتها جوديث بيرتون، أستاذة التربية الفنية والبحثية بكلية المعلمين بجامعة كولومبيا، والتي تكشف أن موضوعات مثل الرياضيات والعلوم واللغة تتطلب إدراكاً معقداً من القدرات الإبداعية التي هي «نموذجية لتعلم الفنون».
التعليم في الفنون
ووفقاً لبوب براينت، المدير التنفيذي للفنون الجميلة في كاتي (كاتي، منطقة المدارس المستقلة، في هيوستن، تكساس) فإن «التعليم في الفنون جزء لا يتجزأ من تطور كل إنسان يعد التعليم والمشاركة في الفنون الجميلة جزءاً أساسياً من المنهج الدراسي، ومكوناً مهماً في البرنامج التعليمي لكل طالب في كاتي».
في أيار 2011، كتب روبرت مينديك، مراسل صحيفة التليغراف، مقالاً عن تجربة أجراها البروفيسور سمير زكي، رئيس قسم علم الأعصاب بجامعة لندن. تساءل زكي «ماذا يحدث في الدماغ عندما تنظر إلى اللوحات الجميلة؟». وخلصت التجربة، إلى أنه عندما تنظر إلى الفن «سواء كان منظراً طبيعياً أو حياة ثابتة أو مجردة أو صورة – فإن هناك نشاطاً قوياً في هذا الجزء من الدماغ المتعلق بالمتعة». خضع المشاركون لفحص الدماغ أثناء عرضهم سلسلة من 30 لوحة لفنانين كبار. عند مشاهدة الفن الذي اعتبروه أجمل، زاد تدفق الدم لديهم في جزء معين من الدماغ بنسبة تصل إلى 10 ٪، وهو ما يعادل النظر إلى أحد أفراد أسرته. أنتجت لوحات جون كونستابل وإندرس وغيدو ريني أقوى استجابة من المتعة لدى المشاركين.
الرهبة والجمال
وقال عالم النفس الدكتور داتشر كيلتنر، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: «إن الرهبة والعجب والجمال يعززون مستويات السيتوكينات الأكثر صحة، والتي تشير إلى أن الأشياء التي نقوم بها لتجربة هذه المشاعر – المشي في الطبيعة، والانسجام الكبير في الموسيقى، والتمسك بالفن – لديها التأثير المباشر على الصحة والعمر المتوقع». ويقول العلماء إن تقدير الأعمال الإبداعية، يمكن أن يقاوم الأمراض.
تجربة مشاهدة الفن المذهل له تأثير إيجابي على الجسم والحالة العقلية. في مقال نُشر على موقع جامعة ويسكونسن للصحة، كتب عالم النفس شيلاج ميرجين قائلاً: «الرهبة لها العديد من الآثار المهمة على رفاهيتنا». أوضح ميرجين، «إن الرهبة التي نختبرها يمكن أن تمنحنا شعوراً بالأمل وتوفر لنا الشعور بالوفاء».
توفر العديد من المقالات الطبية ذات الصلة أيضاً دليلاً يشير إلى الفوائد المادية المستمدة من تجربة اللحظات المذهلة بشكل روتيني. كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا-بيركلي أن «المشاركين الذين عانوا من لحظات مروعة أكثر، لديهم مستويات منخفضة من إنترلوكين -6، علامة من علامات الالتهاب».
الفنانون أكثر صحة
أثبت مركز البحوث للفنون والثقافة (RCAC) في المركز الوطني للشيخوخة الإبداعية (NCCA) أن الفنانين يعانون من الشعور بالوحدة والاكتئاب أقل من عامة السكان. ووفقاً للدراسة، فإن الفنانين الناضجين هم أفراد ذوو وظائف عالية في المجتمع، ويحتمل أن يقوموا بعمل تطوعي مرتين أكثر من الآخرين. أثبتت الدراسة فوائد ART CART، وهو برنامج يخدم الفنانين الناضجين. أثبت البحث أيضا الفوائد العامة للفن والتعاون الإبداعي عند كبار السن. 

التاريخ: الثلاثاء10-9-2019

رقم العدد : 964

آخر الأخبار
محافظ حلب : دعم القطاع التجاري والصناعي يشكل  الأساس في عملية التعافي د. الرداوي لـ "الثورة": المشاريع الكبرى أساس التنمية، والصغيرة مكمّلة مبادرة "تعافي حمص"  في المستشفى الجامعي اندلاع أكثر من عشرة حرائق في اللاذقية وإخماد ثلاثة منها حريق يستعر في حي "دف الصخر" بجرمانا وسيارة الإطفاء بلا وقود تسريع إنجاز خزان المصطبة لمعالجة نقص المياه في صحنايا صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق