ربما لايليق بأمة اقرأ أن نكرر على مسامعها ونجلد أبناءها بالحديث عن أهمية الكتاب وأهمية أن نقرأ ونطلع على المستجدات في عالم الطباعة والنشر والتواصل مع الآخر عبر الكتب المترجمة، فقد أصبح الأمر بدهيا، ولكن مايثير القلق والريبة هذا الانسحاب من عالم القراءة معلقين الأسباب على أولويات هي الأجدى برأيهم، وهي الانشغال في البحث عن لقمة العيش في ظل مانعيشه من ضائقة اقتصادية.
ولكن رغم كل مايمليه علينا البعض من مبررات يبقى للكتاب مكانته كونه يشكل نافذتنا إلى عالم الفكر والوعي والبناء السليم، ولاأظن أن حضور الكتاب في معرضه الذي تفصلنا عنه أيام قليلة إلا دليلا على أهميته ودوره الهام في تطور الأمم والشعوب، فقد أصبح أيقونة ومعلما حضاريا يؤمه الكتاب والمثقفون والناشرون من أصقاع الأرض في مبادرة لافتة لعرض أحدث ماأنتجه الفكر من ألوان الإبداع في المجالات كافة.
معرض الكتاب الذي يأتي تحت عنوان «الكتاب، بناء للوعي» وتحتضنه مكتبة الأسد الوطنية في دورته 31 يشكل في مضمونه وفعالياته تظاهرة ثقافية وفكرية واجتماعية تحتفي بالفكر وفرسانه من الأدباء والفنانين عبر لقاءات وندوات وأمسيات وتوقيع للكتب الجديدة التي تكون على موعد مع الجمهور المهتم في لقاء مباشر يتعرف من خلاله على بعض الكتاب والاطلاع بشكل مباشر على منتجه الإبداعي مايشكل فرصة لتلاقي الأفكار وتبادلها.
وكما كانت رسالة معرض دمشق الدولي إلى العالم، ينطلق معرض الكتاب ليكمل رسالة الفكر والحضارة إلى العالم جميعه باستقباله لعدد كبير من دور النشر المحلية والعربية والدولية، مايؤكد يوما بعد يوم دور سورية الفاعل وأنها قلب العروبة الذي ينبض بالحياة رغم أنف الحاقدين.
وإن كان الكتاب بوابتنا إلى حياة أكثر وعيا وثقافة وفكرا، فإننا لاشك معنيون جميعا في نشر ثقافة القراءة بين الأطفال والشباب وبين الشرائح الاجتماعية كافة لدورها الهام في إيقاظ الوعي وتنميته من أجل بناء أكثر قوة وتماسكا، فلا نهضة للأمة بغير نهضة الفرد، ولانهضة للفرد من غير تنمية عقله، ولن يكون هذا ممكنا إلا عبر القراءة والبحث والاطلاع.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 17-9-2019
الرقم: 17076