ميخائيل نعيمة.. أديب النزعة الإنسانية

 

الملحق الثقافي:إعداد: رشا سلوم:

 لا يكاد يذكر أدب المهجر حتى يقفز الى الذهن ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران وغيرهما كثير. هؤلاء الكتاب الذين جددوا في الأدب العربي، ولم ينسهم المغترب أوطانهم، بل جعلهم حاضرين في كل أحداثه ونوائبه، وارتقت النزعة الانسانية عندهم حتى صارت سمة عامة في آدابهم وإبداعهم، وفي هذا المنحى يظهر نعيمة فيلسوفاً وحكيماً وشاعراً يمقت الحرب ويفضح تجار الدم.
ميخائيل نعيمة (1889 – 1988) مفكر لبناني وهو واحد من الجيل الذي قاد النهضة الفكرية والثقافية، وأحدث اليقظة وقاد إلى التجديد، وأفردت له المكتبة العربية مكاناً كبيراً لما كتبه وما كُتب حوله. فهو شاعر وقاصّ ومسرحيّ وناقد وكاتب مقال ومتأمّل في الحياة والنفس الإنسانية، وقد ترك خلفه آثاراً بالعربية والإنجليزية والروسية؛ وهي كتابات تشهد له بالامتياز وتحفظ له المنزلة السامية في عالم الفكر والأدب.
ولد في بسكنتا في جبل صنين في لبنان في تشرين الأول عام 1889 وأنهى دراسته المدرسيّة في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافا الروسية آنذاك بين عامي 1905 و 1911 حيث تسنّى له الاطلاع على مؤلّفات الأدب الروسي، ثم أكمل دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية (منذ كانون الأول عام 1911) وحصل على الجنسية الأمريكية. انضم إلى الرابطة القلمية التي أسّسها أدباءٌ عرب في المهجر وكان نائباً لجبران خليل جبران فيها. عاد إلى بسكنتا عام 1932 واتسع نشاطه الأدبي. وتوفي في 22 شباط 1988.
أدى حب ميخائيل للتأمل والعزلة لتلقيبه بـ(ناسك الشخروب)، والشخروب قرية لبنانية جبلية، تقع بالقرب من مسقط رأس نعيمة بسكنتا
من أعماله
نشر نعيمة مجموعته القصصية الأولى سنة 1914 بعنوان «سنتها الجديدة»، وكان حينها في أمريكا يتابع دراسته، وفي العام التالي نشر قصة «العاقر» وانقطع على ما يبدو عن الكتابة القصصية حتى العام 1946 إلى أن صدرت قمة قصصه الموسومة بعنوان «مرداد» سنة 1952، وفيها الكثير من شخصه وفكره الفلسفي. وبعد ستة أعوام نشر سنة 1958 «أبو بطة»، التي صارت مرجعاً مدرسياً وجامعياً للأدب القصصي اللبناني – العربي النازع إلى العالميّة، وكان في العام 1956 قد نشر مجموعة «أكابر» «التي يقال إنه وضعها مقابل كتاب النبي لجبران».
في سنة 1949 وضع نعيمة رواية وحيدة بعنوان «مذكرات الأرقش» بعد سلسلة من القصص والمقالات والأشعار التي لا تبدو كافية للتعبير عن ذائقة نعيمة المتوسّع في النقد الأدبي وفي أنواع الأدب الأخرى.
«مسرحية الآباء والبنون» وضعها نعيمة سنة 1917، وهي عمله الثالث، بعد مجموعتين قصصيتين فلم يكتب ثانية في هذا الباب سوى مسرحية «أيوب». قام ميخائيل نعيمة بتعريب كتاب «النبي» لجبران خليل جبران، كما قام آخرون من بعده بتعريبه (مثل يوسف الخال)، فكانت نشرة نعيمة متأخرة جداً (سنة 1981)، وكانت شهرة «النبي» عربياً قد تجاوزت آفاق لبنان.
ما بين عامي 1959 و1960 وضع نعيمة قصّة حياته في ثلاثة أجزاء على شكل سيرة ذاتية بعنوان «سبعون»، ظناً منه أن السبعين هي آخر مطافه، ولكنه عاش حتى التاسعة والتسعين، وبذلك بقي عقدان من عمره خارج سيرته هذه.
مجموعته الشعرية الوحيدة هي «همس الجفون» وضعها بالإنكليزية، وعرّبها محمد الصابغ سنة 1945؛ كما كتب قصيدة النهر المتجمد. ولعله من المهم أن نذكر قصيدته الشهيرة التي فضح فيها جرائم الغرب بالحروب، وهي شهادة كبرى على العصر الذي عاشه:
أخي! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ
وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ
فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا
بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ
لنبكي حَظَّ موتانا
..
أخي! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ
وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ
فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا
لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم
سوى أشْبَاح مَوْتَانا
..
أخي! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ
ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ
فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا
ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا
سوى أجْيَاف مَوْتَانا
..
وفي مجال الدراسات والمقالات والنقد والرسائل وضع ميخائيل نعيمة ثقله التأليفي (22 كتاباً)، منها: مذكرات الأرقش، الغربال، كان ما كان، المراحل، دروب، جبران خليل جبران، زاد المعاد، البيادر، كرم على درب، صوت العالم، النور والديجور، في مهبّ الريح، أبعد من موسكو ومن واشنطن، اليوم الأخير، هوامش، في الغربال الجديد، مقالات متفرقة، يا ابن آدم، نجوى الغروب.

التاريخ: الثلاثاء9-10-2019

رقم العدد : 968

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق