الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
الفن هو استكشاف المجهول على الدوام. إنه تلك العبقرية التي ترينا الأهمية المدفونة في العالم. ولا قيمة للفن إذا بقي في محاورة مع الطبيعة من دون أن يخترق ظواهرها، وينفذ إلى أعماق روحها، ويخزنها في روحه هو.
يجلب الفنان الأمكنة من الطبيعة، ويدخلها في روحه، لتصبح حية وقادرة على تغيير أفكاره وأحاسيسه وحتى تفكيره. إن فناناً كسيزان يدرك أهمية الكشف عن مكنونات العالم المحيط، ويصبح مهووساً ومتشوقاً إلى فهم النظام والانسجام المنبثقين من الكون، عبر فعل رؤية يولد نوعاً من العاطفة، التي تجد لها صدى عن الناس الآخرين.
أثناء العمل الفني، يدرك سيزان أن القواعد الفنية ضرورية، ولكنه لا ينصت إليها إلا بقدر ضئيل، وبعد استغراقه في العمل، ينسى أن هناك قواعد يجب التمسك بها، إذ إنها تبدأ بالتغير والتحول بتأثير الجمال الذي يكتشفه أثناء رحلته. وهكذا، فإن قواعد جديدة تنهض مكان القواعد السابقة، وتحل محلها.
يدرك فنان كسيزان أن اكتشاف المجهول لا يحتاج إلى الرضوخ للقواعد السالفة، حيث يدرك أن ما يقوم به فريد من نوعه، وأن هدفه سام، وهو خلق الجمال المتواري في أعماق النفس والطبيعة.
إن الفن في حالته التأملية، يتجاوز المفاهيم والعقل، ويتحقق من خلال اتحاد مجموع العناصر كلها، فيخلق نوعاً جديداً من الذكاء، يتصف بالجمال الفريد، الذي لا تحققه إلا حالة الحب والانسجام الهائل مع كل مفردات الحياة.
التاريخ: الثلاثاء22-10-2019
رقم العدد : 970