سورية أم الحضارة، والأوابد الشاهدة على العطاء الإنساني، وما صمودها أمام الطامعين، وكانت الهدف الدائم لهم إلا مؤشرا على عظمتها، فهي الحصن المنيع على الطغاة، فلا غرابة في ذلك، وهي التي أرست قواعد الحضارة الإنسانية على مر الزمان، وأهدتها الابجدية الأولى التي حملت أجمل سلام وأجمل ثقافة للكون، بكونها هي رسالة سلام ومحبة، (رسالة السلام) هو نفسه كان عنوان العرض المسرحي الذي تحدث عن حضارة أوغاريت التي كانت مصدر الابجدية الأولى، وكان ضمن فعاليات مهرجان أوغاريت الأول..
جمالية العرض أنه عرض في مكان اثري، تعود لأوابد شاهدة على تلك الحضارة، في ساحة القصر الملكي في راس شمرا.. شارك في تقديم العرض مجموعة من الفرق الفنية منها.. فرقة تجمع القباني للفنون المسرحية بإدراة الفنان لؤي شانا، فرقة رمال للمسرح الراقص، وكورال أوغاريت، فرقة بداية طموح للموسيقى..
اكتسب العرض رسالة سلام أهمية خاصة من أكثر من منظور، فهو عدا عن كونه عرض مسرحي استطاع خلق مقاربة واقعية لما يحدث من تشويه لحقائق حدثت حول واقع الازمة ومحاولات التشوية، مضافا الى مسرحة نص يدور حول حضارة عريقة وصالة العرض هي أحد أوابد تلك الحضارة، أما الديكور المصنع في أي عرض مسرحية يجري ابتكاره في العادة، هو هنا نفس المكان الاثري من اوابد تلك الحضارة، من جهة ثانية امتلك العرض اسقاطات، ارتبطت بواقع الأزمة الاخيرة, مما أهله ليحمل الكثير من الأجوبة بين سطوره، كانت وجها الى وجه مع مؤامرة، حكيت بحقد كبير على وطن المحبة والسلام..
حول العرض الذي حطت أجواؤه في ساحة القصر الملكي، ودارت عوالمه ضمن بيئات أسطورية تقارب جماليات الخيال بكل محاوره الانسانية والوطنية.. تحدث الفنان لؤي شانا مخرج العرض قائلا: قدم العرض (رسالة سلام) عوالم نوعية في كل الاتجاهات، مكان مسرحي وديكور ومضمون وفضاءات.. كان هناك لوحات فنية راقصة بأسلوب فني خاص، حملت روح المعاصرة، قدم العرض معالجات حملت واقعية واسقاطات قاربت الواقع لاسيما مسألة تشويه وتزييف الحقائق، كما تضمن العرض نشيد السلام الاوغاريتي، الذي يقول:
لدي رسالة أقولها لك
اسكب سلاما في جوف الأرض
أكثر من المحبة في قلب الحقول
كي نقيم في الأرض وئاما
ونغرس في التراب محبة
لدي رسالة اقولها لك
تعالوا نزرع في التراب محبة وفي الارض وئاما
سلاما لبني البشر،
محبة في الحقول.. وفرحة على البيادر
عطرا على الجبال, دواء على التلال
سلاما لبني البشر، سلاما لبني البشر
سلاما لبني البشر
وهذا يدل على تاريخ عظيم, وحضارة إنسانية أعظم، فسورية هي بلد الحضارات, عدا عن كون العرض حمل اسقاطات واقعية على وقتنا الحالي، وذلك عبر محور واضح الملامح, عاد لمنتج فني أراد صناعة عملا, يحمل التشويه لحضارتنا، تشبها بسياسة الغرب تجاه سورية، حيث سخر الاعلام الغربي الامكانات الهائلة لهذا الهدف.. رفض الممثلون العمل معه إشارة واضحة الى تمسكنا الكبير وفخرنا بالانتماء الى سورية أم الحضارة.
آنا عزيز الخضر
التاريخ: الأحد 3-11-2019
الرقم: 17113