لعل من غرائب الأمور في نظام التأمين لدينا أن يجد الموظف نفسه عند إحالته إلى التقاعد خارج مظلة التأمين الصحي؛ بعد أن أفنى عمره في خدمة المؤسسة التي يعمل بها وفي وقت هو في أمس الحاجة فيه إلى التدواي والرعاية الطبية بحكم تقدمه في السن.
ورغم أن هذه الحقيقة يدركها أرباب العمل القائمون على جهات تضم آلاف العمال والموظفين ويدركها القائمون على قطاع التأمين يستمر حال المتقاعد على ما هو عليه؛ ولا يخفى عليهم أن تشميل فئات جديدة تحت مظلة التأمين وبسعر منخفض يتناسب مع ضعف الرواتب والأجور التي يتقاضاها العمال والموظفون يخضع لـ (قانون الأعداد الكبيرة)، بمعنى أن زيادة أعداد المشملين يمكّن مؤسسة التأمين من تأسيس قاعدة تمويلية مستدامة لصندوقها تجعلها قادرة على تغطية الاحتياجات الطبية للفئات الجديدة المنضوية تحت عباءة التأمين، وهو أمر قابل للتطبيق على أرض الواقع بالنظر إلى وجود أعداد كبيرة من المتقاعدين.
لكن بعض المعنيين بشأن التأمين يبين وجود عقبة أخرى تواجه توسيع قاعدة المشملين بالرعاية الطبية لتضم فئة المتقاعدين؛ وهي ما أظهرته قاعدة البيانات الموجودة لدى المؤسسة من وجود خلل كبير لناحية استخدام كميات من الأدوية أكثر من اللازم وخصوصاً الأدوية المزمنة منها.
تجدر الإشارة هنا إلى دور بعض الأطباء في تعزيز هذا السلوك الخاطئ في المجتمع من خلال اعتماد العلاج بالأدوية ليصبح تناولها حالة مستدامة مزمنة لدى الفرد في حين يمكن الاستعاضة عنها بالحميات الغذائية أو التمارين الرياضية، بالإضافة إلى ضعف الثقافة الصحية لدى المواطنين بالمخاطر التي قد تنجم عن التناول المفرط للدواء دون وصفات طبية في أحيان كثيرة.
وهو ما يعد مسؤولية مشتركة ينبغي أن تضطلع بها وزارة الصحة مع كافة الجهات الأخرى المعنية من خلال تنظيم حملات وبرامج توعية تبين المخاطر الكبيرة الناجمة عن هذا السلوك وتحمي المجتمع من عواقبها، وصولاً إلى المجتمع الصحي الذي ننشد، وتسهم من جهة أخرى في إزاحة العراقيل التي تحول دون تشميل أعداد جديدة من المواطنين تحت مظلة التأمين في عز الحاجة إليها.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 6 – 11-2019
رقم العدد : 17116