بما أن الاستدامة هي فلسفة برؤية جديدة للبحث عن بناءات اجتماعية، ونشاطات اقتصادية، وأنماط إنتاجية واستهلاكية، مع تأمين تقنيات تعمل على ذلك، إذاً لا بد من إعادة صياغة النشاطات الحالية أو ابتكار أخرى، ثم العمل على دمجها في البيئة القائمة لخلق تنمية مستدامة على أن تكون مقبولة ثقافياً، وممكنة اقتصادياً، وملائمة بيئياً، وقابلة للتطبيق..، وهذا يتطلب تبني عدد من الممارسات الداعمة لاستدامة البيئة.
من هنا لا بد أن نشهد إدراكاً متزايداً حول التنمية المستدامة خاصة بعد أن ارتبط نمط الحياة الاستهلاكي المنبثق عنها بأزمات بيئية خطيرة، وباتت البشرية تواجه مشكلتين حادتين، تتمثل إحداها في أن كثيراً من الموارد التي نعتبر وجودها الآن من المسلمات، معرضة للنفاد في المستقبل القريب، والثانية تتعلق بالتلوث البيئي المتزايد، لذلك تبرز مسألة الحفاظ على البيئة واستدامتها كموضوع مهم.
قضايا عدة تلامس حياتنا وتتكرر تبعاتها السلبية، لترسم جميع أنواع المنغصات، فمع تنامي الاهتمام بالقضايا البيئية، أصبحت المساعي أكثر إصراراً على إيجاد حلول لمشكلات عدة، من قبيل فقدان التنوع البيئي، والتلوث، والعمل على خلق مجتمع مستدام بيئياً، وبدا واضحاً أن عملية التحول إلى التنمية المستدامة لحماية المجال الحيوي تتطلب جهود كل المجتمع، فهي مطلب مبرمج ويجب أن يُنجز من قبل الجميع وبلا استثناء.
حالياً تنشط عدد من الجهات المعنية في هذا المجال، وتستهدف الجميع للحث على النظافة، مع التأكيد على تعزيز التعاون بين فعاليات المجتمع المحلي لحماية البيئة والمحافظة عليها، بغية رفع وتعميق مستوى الوعي البيئي عبر إطلاق حملات التوعية، وزرع القليل من الأشجار، وإقامة معارض للرسم البيئي، وغيرها.. لكن هل هذا يكفي أم أننا سنبقى نغرق في الدوّامة نفسها؟!
ما نشهده أن بيئتنا تئن حزناً في عيدها، لكن لربما تذكّر المعنيين أنه ليس بالكلام وحده يحيا الإنسان، ما نريده فعلاً ربط البيئة بالوطن وإعماره، والعمل على تحقيق الانسجام بين تطبيق الأهداف التنموية من جهة، وحماية البيئة واستدامتها من جهة أخرى، كي لا يقتصر قطاع البيئة على بعض الشعارات والندوات، وقضيتها يجب أن تأخذ الحيز الكبير في إطار قضايا العصر المهمة، إذ إنها باتت تشكل بعداً من أبعاد التحديات في مواجهة ما يلحق بها من أضرار وتعديات، من الممكن التغلب عليها وتحويل مخلفاتها إلى منتجات وفوائد، كي لا تشكل تهديداً لسلامتها ولصحة السكان وللغطاء النباتي، وهذا يستلزم محاولة تجاوز إخفاقات ما هو نظري في مجال التنمية، والبحث عن نموذج يتمتع باستدامة ذاتية.
لينا شلهوب
التاريخ: الخميس 7 – 11-2019
رقم العدد : 17117