ثورة أون لاين -علي نصر الله:
ظالمٌ هو كل من يُجافي الواقع والحقيقة، وكل من يُنكر أن عملاً مُفيداً مُنتجاً تُؤديه مؤسسات القطاع العام الاقتصادية منها والخدمية، ولو لم يَكن الواقع يُحَدِّث بذلك، فكيف كان لنا مُجتمعاً ودولة الصمود والاستمرارية على خلاف ما كان مُخططاً له حيث الانهيار وتحويل الدولة دولة فاشلة تَعجز عن توفير أبسط مُقومات الحياة لا أسباب الصمود والوقوف بمواجهة الحملة الشرسة التي استهدفت سورية الوطن والشعب والدولة والدور؟.
وإذاً، دَعونا من المُبالغة في التصويب على أجهزة الدولة، إظهاراً للنواقص والمُشكلات القائمة، بمُقابل أداء الواجب والتّحلي بالموضوعية في الإشارة إلى الأخطاء، وإلى المُقصرين، وعلى التوازي بالكشف عن مواقع الفساد والإفساد، سعياً لتحقيق الغاية بحل المشكلات، وتحسين الحال، وتصويب المسارات، وليس بهدف التشهير والنيل من المؤسسات، وهو الأمر الذي يَتصيده الكثيرون للتعميم وللنيل من كل ما هو حكومي وسيادي!.
في الواقع، وفي يوميات العمل والحياة، تَبرز الأخطاء، بل لا يَرى المرء إلا الأخطاء اعتماداً على فَرضية أن جودة العمل والإنتاج هي تحصيل حاصل كنتيجة مُنتظرة من أصحابها المُحترفين، واستناداً إلى قاعدة أن التكامل بين جميع العناصر المُكونة للعملية الإنتاجية لا بد أن تنتهي لنتائج يَتقلص فيها هامش الخطأ إلى أقصى الحدود، تلك الحدود التي قد لا تُلامس الصفر لكنها لا تتجاوز نسب الخطأ والارتياب المَسموح بها.
هذا بالضبط ما لا يَحصل معنا، وهذا بالضبط ما يَدفع الكثيرين للمُبالغة في الانتقاد الذي يصل لحدود التشهير – لا نُبرر للطرفين، المُخطئ والمُنتقد، وإنما نُحاول تشخيص الحالة بنيّات سليمة – ذلك أن تَكاثر الأخطاء وتَكرارها، وعدم السعي لتصحيحها، بل إن التَّصالح معها والمُراكمة عليها، هو ما يُفاقم المشكلة ويَجعلها تتحول لظاهرة تستعصي معها لاحقاً كل مُحاولات الحل ويكون الترقيع السبيل الوحيد المُتاح، والترقيع من ناحية يعني بالضرورة الفَتق في ناحية أخرى!.
غيابُ المُتابعة المُستدامة للعمل، تفاصيله، مَراحله، مُنتجاته، هي المشكلة الحقيقية التي تقود بالضرورة إلى تَعدد بروز المشكلات وتَكرارها واستفحالها، وبالتالي تقود لحالة العجز عن إيجاد الحلول لها، فتَبرز حالة عدم الرضا عن المؤسسات، وتتعاظم الانتقادات خاصة عندما يُظهر القائمون على هذه المؤسسات حالة من الرضا بل المُفاخرة أحياناً بما يقومون به .. يَحصل ذلك في كثير من مواقع العمل الإنتاجي والخدمي!.
الحل يُمكن اشتقاقه من المُشكلة ذاتها، والحلول المَطلوبة منّا جميعاً لتجويد العمل والإنتاج يَكمن أولاً وأخيراً بالمُتابعة المُستدامة، لا يَجوز التهاون بالمُطلق بمسألة المتابعة اليومية، بل اللحظية بمُلاحقة التفاصيل كل التفاصيل بل أدقها، وعندها لا تقع إلا المشكلات المَنظورة أصلاً والمُتوقعة، والفَرضية بتَوقعها غالباً تَشتمل على الحلول المُباشرة لها، وأمّا أن نَنسى المُتابعة وأمر القيام بواجبها، فعلينا ألّا نَنتظر مَديحاً على التقصير الذي تَجوز تَسميته إهمالاً إن لم يَكن فساداً!.