الجمال والحقيقة

 

الملحق الثقافي:

 كتب الشاعر جون كيتس: «الجمال هو الحقيقة، ، هل تعلمون أن جمال الحقيقة هو كل شيء على الأرض وكل ما تحتاجون معرفته».
يطرح هذا البيان الشهير جداً عن الجمال والحقيقة وقابلية التبادل بينهما سؤالاً مهماً للغاية في عصر ما بعد الحداثة. لقد تغير الفن وعلاقته بالجمال/ الجميل بشكل غير ملموس على مر العقود، من شيء يجب أن يعكس المثل الأعلى -وفقاً لأفلاطون-، أو في جوهره مكتمل ويوفر المتعة للحواس لشيء ما، يعبر عن الوعي الفريد/ قلق المبدع. لقد أعاد الفن اكتشاف تعريفه للجمال.
إذا كان الجمال هو الحقيقة، فقد يتجرأ على أن يكون بشعاً أيضاً، لأن الحقيقة قد تكون قاسية أو مروعة. لا يوحي الجمال بشيء جميل بالمعنى الفعلي للمصطلح، ولكن هذا، الذي يقترب من التعبيرات الحقيقية للذات ورؤية نفسية متشظية، معقدة، وتتجاوز التعاريف المطابقة الخانقة. تطور الجمال إلى حرية التعبير في الفن المعاصر، ولا سيما في التساؤلات حول نماذج القيم الجمالية، مع قيام فنانين مثل تشابمان براذرز أو جوستين نوفاك بإنتاج أعمال فنية تهدف بوضوح إلى إثارة ردود الفعل وتحدي مفاهيم الجمال، والتي تعود جذورها إلى نقد كانط 1790. 
يمكن التفكير في التجربة الجمالية الخالصة للفن الذي يتكون من مراقب غير مهتم، مما يرضي مصلحته ويتجاوز أي فائدة أو أخلاق. الآن، قد تكون لكلمة «إرضاء» حدود مختلفة. إذا كان مارسيل دوشامب قد صنع نافورة من مبولة في عام 1917، مما أضر بحركة الداديين والتي تضخمت لاحقاً في ميل سريالي يبحث في الفن البدائي عن إلهامهم اللاشعوري، للكشف عن العملية الذهنية، فإن الدافع الأساسي وراء كل شيء كان التخريب.
إذا كانت البدائية تحفز بعداً جديداً تم من خلاله الكشف عن جمال العقل، فقد قام بيكاسو بتعريف الفن والتجربة الشخصية تماماً في بعد رابع وخلق حركة تكعيبية للمطالبة بانهيار القواعد التي لم تعد تمسك بالتقنيات والرموز والأهم من ذلك كله – معايير عالمية للحكم على أي شيء. هناك العديد من القوى الأيديولوجية الاجتماعية وراء ذلك، وكانت للحروب العالمية المدمرة أسباب كثيرة للتشكيك في المفاهيم الكامنة وراء الفكرة التقليدية للجمال، وتناولت نفسية الإنسان المعاصرة والمتسامحة والعزلة. نوه اليأس الميتافيزيائي إلى سخافة الجمال، في حين أن معنى هذا «الوجود»، جعل الجمال يبدو أقرب إلى القبح، إما عن طريق السخرية أو على ضوء حقيقة مأساوية.
الذي يجعل السؤال أكثر إثارة للاهتمام هو، ما إذا كان الفن المعاصر قد وجد شكلاً أفضل من الجمال صمم لإرضاء وخلق نموذج خطابي معين في القبح، لأنه يحررنا من أي قيود أخلاقية وسياسية/ أيديولوجية؟ هل يمكن ربط هذه القيود بأبعاد أكبر، أم ينبغي معاملتها كوسيلة بديلة لفهم الجمال الحقيقي، إن لم يكن الجانب الكامل للجمالية نفسه؟ هل القبح ممكن بدون علم الجمال نفسه؟
يجب على المرء أولاً فهم الفكرة الكامنة وراء التصور والقوة الحوارية المحيطة بها. إذا نشأ العالم كوهن في ذهن المرء، فقد تم تدريب العقل رمزياً على قراءته كلغة. هذه المصفوفة من العفوية المعقدة هي «أنموذجية» كما يقول رومان جاكبسون 1987، يجري تحديها، عندما يلعب القبح دور الجمال. تنشأ حدة البصر عن الأنموذج الأصلي المدمر الذي يجب أن يعيد هيكلة نفسه ليشمل عناصر من القبح داخل الجمال، والوصول إلى نفس التجربة الجمالية السامية. ولكن المثير للاهتمام أن ما ينتج تلك الجمالية السامية هي الصدمة. وهكذا فإن هذا العنصر من التمثيل الصامت و/ أو تمثيل المثل الأعلى قد أفسح المجال لذاتية لانهائية كما يقول هيغل في «محاضرات عن الفنون الجميلة»، أو لهاوية العقل البشري وحالته.  وقدر ألتوسر لاحقاً استحالة الحصول على موقع واحد من حيث يمكن للمرء أن يحكم، لأن النفس كانت محملة بالكثير من اللامركزية – وفقاً لجاك ديريدا – والتي هي أيضاً محددة اجتماعياً وثقافياً كما يقول رولان بارت. وبالتالي، هناك تحقيق كامل في الفن من خلال شخصية الفنانين.
غالباً ما يشوه جوستين نوفاك ما يتوافق مع قيم البرجوازية، يشوهها إلى حد السخرية لدرجة أنه لا يمكن لأحد أن يهمل الواقعية المضادة التي يقدمها. غالباً ما يعمل هذا على عدم تقديم أي حقيقة بديلة، ولكن فقط إطلاقه في خضم عملية إعادة نظر رائعة للقيم القديمة ومع خيبة الأمل المصاحبة لها. بمجرد أن يتم تفكيك حاجز صامت بين الطبقة والجنس، يصبح الهروب بلا جدوى – الارتفاع السامي للحلول اللانهائية الواسعة، وهذا يؤكد على الوجود المحدد وأهوال التوافق المطلق. إذا كانت الحقيقة جميلة، فإن أعمال نوفاك الفنية تكشف عن جوانبها الدقيقة عن طريق تحطيم عمليات التفكير المريحة والمجزأة التي تمكن الفرد من اعتراض الفن من مسافة آمنة. الاقتراب القبيح من هذه الحقائق يجعل الجمال يدفع العقل لإطلاقه من قيود الأوهام التي تغلب عليه. الحقيقة ليست عالمية، ولكنها قوة لقبول التعقيد الذي لا ينفصم للسلوك الإنساني والعقل وبيئته الاجتماعية والثقافية والتاريخية. هل التمرد شجاعة؟ أم أنه عنصر لا ينفصل من الجمال؟
تعد التماثيل التقليدية، خاصة التي أنتجها تشابمان براذرز وجوستين نوفاك أو غرايسون بيري، كائنات محاكاة ساخرة مضادة للقواعد، أو تقليداً بشعاً أو خطابات عكسية مثيرة للتفكير. كل هؤلاء الفنانين ما بعد الحداثيين يتحدون في تجربة جمالية. كل هذه الأعمال الفنية تستسلم لأحد من قوة القبح الذي يضفي جمالاً على حقيقته، ويجعلنا ندرك أن الحقيقة لا تتعلق بمعايير ثابتة، بل تقبل الغياب الفعلي لها. إن ما يجعل الفن المعاصر أكثر توحشاً في جماله هو القدرة على استنباط السعادة للخروج من هذا القبح. الصدمات بشعة ولكنها تدعو إلى السرور في حد ذاتها، لأنها تمثيل للوعي. 
يبدو أن الفنانين يركزون على الواقع الواضح للوضع المعاصر، حيث أصبح الفن كائناً مستنسخاً إلى حد كبير – منحرفاً عن هويته. يصبح الجمال من دون تناسق والعارض لوحشية متعمدة، بشعاً جمالياً. وبالتالي، فإن الفجوة بين ما هو واضح وما قد يوجد فعلياً، يمنح الفنانين مساحة كافية لربط هذه الفئات المحددة بقوى تعبيرية ساحقة، على الرغم من أنها بشعة للحواس، إلا أنها في النهاية جميلة بحكم حقيقتها.كتب الشاعر جون كيتس: «الجمال هو الحقيقة، ، هل تعلمون أن جمال الحقيقة هو كل شيء على الأرض وكل ما تحتاجون معرفته».
يطرح هذا البيان الشهير جداً عن الجمال والحقيقة وقابلية التبادل بينهما سؤالاً مهماً للغاية في عصر ما بعد الحداثة. لقد تغير الفن وعلاقته بالجمال/ الجميل بشكل غير ملموس على مر العقود، من شيء يجب أن يعكس المثل الأعلى -وفقاً لأفلاطون-، أو في جوهره مكتمل ويوفر المتعة للحواس لشيء ما، يعبر عن الوعي الفريد/ قلق المبدع. لقد أعاد الفن اكتشاف تعريفه للجمال.
إذا كان الجمال هو الحقيقة، فقد يتجرأ على أن يكون بشعاً أيضاً، لأن الحقيقة قد تكون قاسية أو مروعة. لا يوحي الجمال بشيء جميل بالمعنى الفعلي للمصطلح، ولكن هذا، الذي يقترب من التعبيرات الحقيقية للذات ورؤية نفسية متشظية، معقدة، وتتجاوز التعاريف المطابقة الخانقة. تطور الجمال إلى حرية التعبير في الفن المعاصر، ولا سيما في التساؤلات حول نماذج القيم الجمالية، مع قيام فنانين مثل تشابمان براذرز أو جوستين نوفاك بإنتاج أعمال فنية تهدف بوضوح إلى إثارة ردود الفعل وتحدي مفاهيم الجمال، والتي تعود جذورها إلى نقد كانط 1790. 
يمكن التفكير في التجربة الجمالية الخالصة للفن الذي يتكون من مراقب غير مهتم، مما يرضي مصلحته ويتجاوز أي فائدة أو أخلاق. الآن، قد تكون لكلمة «إرضاء» حدود مختلفة. إذا كان مارسيل دوشامب قد صنع نافورة من مبولة في عام 1917، مما أضر بحركة الداديين والتي تضخمت لاحقاً في ميل سريالي يبحث في الفن البدائي عن إلهامهم اللاشعوري، للكشف عن العملية الذهنية، فإن الدافع الأساسي وراء كل شيء كان التخريب.
إذا كانت البدائية تحفز بعداً جديداً تم من خلاله الكشف عن جمال العقل، فقد قام بيكاسو بتعريف الفن والتجربة الشخصية تماماً في بعد رابع وخلق حركة تكعيبية للمطالبة بانهيار القواعد التي لم تعد تمسك بالتقنيات والرموز والأهم من ذلك كله – معايير عالمية للحكم على أي شيء. هناك العديد من القوى الأيديولوجية الاجتماعية وراء ذلك، وكانت للحروب العالمية المدمرة أسباب كثيرة للتشكيك في المفاهيم الكامنة وراء الفكرة التقليدية للجمال، وتناولت نفسية الإنسان المعاصرة والمتسامحة والعزلة. نوه اليأس الميتافيزيائي إلى سخافة الجمال، في حين أن معنى هذا «الوجود»، جعل الجمال يبدو أقرب إلى القبح، إما عن طريق السخرية أو على ضوء حقيقة مأساوية.
الذي يجعل السؤال أكثر إثارة للاهتمام هو، ما إذا كان الفن المعاصر قد وجد شكلاً أفضل من الجمال صمم لإرضاء وخلق نموذج خطابي معين في القبح، لأنه يحررنا من أي قيود أخلاقية وسياسية/ أيديولوجية؟ هل يمكن ربط هذه القيود بأبعاد أكبر، أم ينبغي معاملتها كوسيلة بديلة لفهم الجمال الحقيقي، إن لم يكن الجانب الكامل للجمالية نفسه؟ هل القبح ممكن بدون علم الجمال نفسه؟
يجب على المرء أولاً فهم الفكرة الكامنة وراء التصور والقوة الحوارية المحيطة بها. إذا نشأ العالم كوهن في ذهن المرء، فقد تم تدريب العقل رمزياً على قراءته كلغة. هذه المصفوفة من العفوية المعقدة هي «أنموذجية» كما يقول رومان جاكبسون 1987، يجري تحديها، عندما يلعب القبح دور الجمال. تنشأ حدة البصر عن الأنموذج الأصلي المدمر الذي يجب أن يعيد هيكلة نفسه ليشمل عناصر من القبح داخل الجمال، والوصول إلى نفس التجربة الجمالية السامية. ولكن المثير للاهتمام أن ما ينتج تلك الجمالية السامية هي الصدمة. وهكذا فإن هذا العنصر من التمثيل الصامت و/ أو تمثيل المثل الأعلى قد أفسح المجال لذاتية لانهائية كما يقول هيغل في «محاضرات عن الفنون الجميلة»، أو لهاوية العقل البشري وحالته.  وقدر ألتوسر لاحقاً استحالة الحصول على موقع واحد من حيث يمكن للمرء أن يحكم، لأن النفس كانت محملة بالكثير من اللامركزية – وفقاً لجاك ديريدا – والتي هي أيضاً محددة اجتماعياً وثقافياً كما يقول رولان بارت. وبالتالي، هناك تحقيق كامل في الفن من خلال شخصية الفنانين.
غالباً ما يشوه جوستين نوفاك ما يتوافق مع قيم البرجوازية، يشوهها إلى حد السخرية لدرجة أنه لا يمكن لأحد أن يهمل الواقعية المضادة التي يقدمها. غالباً ما يعمل هذا على عدم تقديم أي حقيقة بديلة، ولكن فقط إطلاقه في خضم عملية إعادة نظر رائعة للقيم القديمة ومع خيبة الأمل المصاحبة لها. بمجرد أن يتم تفكيك حاجز صامت بين الطبقة والجنس، يصبح الهروب بلا جدوى – الارتفاع السامي للحلول اللانهائية الواسعة، وهذا يؤكد على الوجود المحدد وأهوال التوافق المطلق. إذا كانت الحقيقة جميلة، فإن أعمال نوفاك الفنية تكشف عن جوانبها الدقيقة عن طريق تحطيم عمليات التفكير المريحة والمجزأة التي تمكن الفرد من اعتراض الفن من مسافة آمنة. الاقتراب القبيح من هذه الحقائق يجعل الجمال يدفع العقل لإطلاقه من قيود الأوهام التي تغلب عليه. الحقيقة ليست عالمية، ولكنها قوة لقبول التعقيد الذي لا ينفصم للسلوك الإنساني والعقل وبيئته الاجتماعية والثقافية والتاريخية. هل التمرد شجاعة؟ أم أنه عنصر لا ينفصل من الجمال؟
تعد التماثيل التقليدية، خاصة التي أنتجها تشابمان براذرز وجوستين نوفاك أو غرايسون بيري، كائنات محاكاة ساخرة مضادة للقواعد، أو تقليداً بشعاً أو خطابات عكسية مثيرة للتفكير. كل هؤلاء الفنانين ما بعد الحداثيين يتحدون في تجربة جمالية. كل هذه الأعمال الفنية تستسلم لأحد من قوة القبح الذي يضفي جمالاً على حقيقته، ويجعلنا ندرك أن الحقيقة لا تتعلق بمعايير ثابتة، بل تقبل الغياب الفعلي لها. إن ما يجعل الفن المعاصر أكثر توحشاً في جماله هو القدرة على استنباط السعادة للخروج من هذا القبح. الصدمات بشعة ولكنها تدعو إلى السرور في حد ذاتها، لأنها تمثيل للوعي. 
يبدو أن الفنانين يركزون على الواقع الواضح للوضع المعاصر، حيث أصبح الفن كائناً مستنسخاً إلى حد كبير – منحرفاً عن هويته. يصبح الجمال من دون تناسق والعارض لوحشية متعمدة، بشعاً جمالياً. وبالتالي، فإن الفجوة بين ما هو واضح وما قد يوجد فعلياً، يمنح الفنانين مساحة كافية لربط هذه الفئات المحددة بقوى تعبيرية ساحقة، على الرغم من أنها بشعة للحواس، إلا أنها في النهاية جميلة بحكم حقيقتها.

التاريخ: الثلاثاء17-12-2019

رقم العدد : 978

آخر الأخبار
نظام الاستثمار الجديد في المدن الصناعية جاذب للمستثمرين صناعية حسياء تتفقد معامل ملح الطعام "الاتصالات" تنفي الشائعات وتؤكد شفافية تعاملاتها دول الخليج.. بين التمويل والقيادة الاستراتيجية للمنطقة غراندي: عودة أكثر من مليوني لاجئ ونازح سوري منذ كانون الأول الماضي بداية عهد أكاديمي جديد.. الجامعات السورية تدخل التصنيفات العالمية محافظ إدلب يستقبل القائم بأعمال السفارة القطرية وزيارة إلى سراقب تراجع في تركيب منظومات الطاقة الشمسية.. تحسن نسبي بالكهرباء والوضع المعيشي الصعب وراء عدم الإقبال تداولٌ ينشط.. وسيولةٌ تختفي قوشجي لـ «الثورة»:حبس السيولة عقبة كبيرة تواجه مستثمري سوق دمشق رفع كفاءة مصادر المياه الجوفية والسطحية بدرعا حرائق متسارعة في غابات الساحل وريف إدلب.. 60 حريقاً في 48 ساعة التطبيل والمدح.. أين تنتهي الحقيقة ويبدأ التزييف؟ الاحتفاء بالأفعال وليس بالأسماء الفقر يطارد المرضى في سوريا العلاج حلم مكلف والأمل بالحكومة عبوة الأنسولين 100 ألف ليرة ومليون لير... تركيا تفتح المنافذ البرية للقادمين من سوريا بعد تعطل الرحلات الجوية مدير الدواجن لـ"الثورة": الاستثمار في المنشآت ضمن توجهات الاقتصاد الحر لمواجهة صعوبات الحياة.. فتيات : التسويق الإلكتروني فرصة عمل مجدية عودة شركات الاتصالات السورية الأميركية.. باراك وشيا يؤكدان بداية جديدة للاستثمار ورفع العقوبات "وول ستريت جورنال": ترامب وافق على ضرب إيران مشروع قانون أميركي جديد لإلغاء " قيصر" جورجيا تطالب أنقرة بالتوسط لدى دمشق للتراجع عن الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية