ربما يرى الكثيرون أن ليس هناك ما هو أكثر فجوراً من الإجراءات العدائية (العقابية) التي تتخذها واشنطن بحق السوريين سوى التبريرات الوقحة التي تساق لتمريرها وتضليل الرأي العام الدولي بها، فقانون(قيصر) الذي دخل مؤخراً حلقة جديدة من حلقات الضغط الاقتصادي على القرار السوري المستقل يشكل ذروة العدوان والتطاول على حياة ومعيشة السوريين، وخاصة أنه يأتي بعد نحو تسع سنوات من الحرب الإرهابية القذرة التي دعمتها وقادتها واشنطن وأدواتها بشكل مباشر.
العقوبات الأميركية العدائية بحق السوريين ليست بالجديدة، وإنعاشاً للذاكرة فقد طبقت واشنطن عقوبات صارمة في ثمانينات القرن الماضي كانت أوروبا جزءاً منها، ولم تؤثر يوماً على القرار السوري الشجاع ولم تفلح في كسر إرادة السوريين، ولو بحثنا عن السبب الخفي الذي يقف خلف العقوبات الجديدة سنكتشف بأن انتصارات الدولة السورية على الإرهاب، وتمكنها من إفشال المخططات الأميركية التي تحاول إلحاق سورية بركب الزاحفين والمهرولين للانضواء في معسكر الخضوع للأميركي، هو التفسير المقنع لما يجري، الأمر الذي يحكم على هذه المحاولة بالفشل أيضاً، إذ لو كانت نجحت واشنطن بتمرير سياساتها الاستعمارية عسكرياً وإرهابياً لما اضطرت إلى مسرحيات مثل (قيصر) و(الكيماوي) وما هنالك من ذرائع ومبررات للتدخل في الشأن السوري.
لا يختلف متابعان بأن هذه العقوبات ستؤثر بشكل ما على بعض الجهات الراغبة في المشاركة بإعادة إعمار ما دمرته الحرب، إلا أن المؤكد والذي تم إثباته والبرهان عليه في فترة لاحقة، أن الشعب السوري أصلب بكثير من أن تكسر إرادته بعض الإجراءات الأميركية العدائية، فقد كانت العقوبات الغربية في الثمانينات حافزاً كبيراً لعملية نهوض وتنمية داخلية جعلت من سورية بلداً مكتفياً ذاتياً وقادراً على المواجهة وفرض حضوره، وهو مادفع إدارات أميركية سابقة للتراجع قليلاً عن ومواقفها وإجراءاتها وبدء حوار من موقع الند للند مع القيادة السورية الواثقة من خياراتها الوطنية ومن قدرة شعبها على المواجهة واجتراح الحلول للكثير من المشكلات الاقتصادية.
قد يكون من السابق لأوانه حساب حجم الأضرار المترتبة على العقوبات الأميركية، ولكن مهما يكن من أمرها فإنها تبقى أهون بكثير من الخضوع للسياسة الأميركية المتغطرسة التي حولت دول كبرى وصغرى إلى مجرد دمى صغيرة تدور في فلك واشنطن، وسورية ليست في هذا الوارد لا اليوم ولا في المستقبل..!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 23-12-2019
الرقم: 17152