لبنان بين الوصاية والتجويع

 تدرك أميركا أنها إذا خرجت من المنطقة مهزومة – وهذا ما حدث – فإنه يعني بالنسبة لها نهايتها ونهاية نفوذها الأوحد الذي أصبحت تشاركها فيه روسيا والصين وحتى بعض دول الاتحاد الأوروبي المتضررة من التعنت الأميركي إلى حد ما وأكثر ما تخشاه هو هروب مئات الآلاف إليها هرباً من الحرب، كما حدث من اللجوء السوري والعراقي.
إن انهيار اقتصاد أميركا أصبح وشيكاً إن لم تكن قد وقعت فيه فعلاً، مع أنها تعتمد على بلطجة البنك الدولي وألاعيب صندوق النقد الدولي، كما تعتمد على قوى تحت مسمى منظمات المجتمع المدني التي تحركها بسياستها الرعناء، فتتحول إلى حركات سياسية فوضوية، لذلك فهي تستميت مباشرة أو عبر أدواتها من عبيد المال أن تفرض وصاية من نوع جديد وبأي شكل في هيكليات الأنظمة وسياساتها الالتحاقية بها ومعظمهم من الفاسدين لتحصل بواسطتهم على ما لم تستطع الحصول عليه بعمليات التدمير والتخريب للدول المؤثرة مثل سورية والعراق وإيران وأخيراً في لبنان الذي يتجه بخطى سريعة نحو الفوضى والدمار، ولا نبالغ إذا قلنا نحو الحرب الأهلية وما تنتجه من فقر وصولاً إلى المجاعة الحقيقية أو التهويلية، وقد بدأت حصارها الاقتصادي بشكل محكم ليس على الدولة فقط بل تجاوزته إلى معاقبة المجتمع الذي كان أكثر من نصفه يعيش على تحويلات المغتربين. وهناك توقعات بأن يصبح 50% تحت خط الفقر.
فأميركا مستعدة لأن تفعل أي شيء وكل شيء لتحقيق مصالحها أو على الأقل البعض منها. وبطبيعة الحال مصالح ربيبتها (اسرائيل) التي تعيش أياماً لا تقل صعوبة وتؤذن بنهايتها أو على الأقل بضعضعة كيانها بعد أن رسمت له المقاومة الخطوط الحمر في البر والبحر، ولهذا الغرض وحده جاء مساعد وزير الخارجية الأميركي ديڤيد هيل بلبوس الوسيط (بينما بلاده طرف منحاز) حاملاً معه ما يسمى بـ (خط هوڤ) مع الحقيبة المزعومة بـ 4 مليارات دولار لإنقاذ الاقتصاد اللبناني، بينما تسعى بلاده للسيطرة على ما يمكن تقديره من ثروة تقدر بـ 74 مليار دولار، وكذلك لإيصال رسالة (وصاية) تتضمن تهديدات ظاهرة وأخرى مبطنة إلى المسؤولين اللبنانيين حول ترسيم البلوكين (8) و(9) حتى لا يصلا إلى مرحلة اعتبارهما منطقة متنازع عليهما، ولهذا أرادت التذاكي بفصل رسم الترسيمين البري والبحري لتمكين (إسرائيل) من قضم 863 كم مربع من المياه. وهكذا تكون أميركا قد سيطرت على ثروة لبنان النفطية والغازية.
وكعادتها تتصرف أميركا وكأنها اللاعب الوحيد دون احتساب أي وزن لقوة غيرها، ولهذا فإن مآل أعمالها الفشل دائماً. وهذا ما حدث مع مبعوثها هيل الذي عاد بخفي حنين، بعد أن سمع الكلام الذي آن الأوان أن يسمعه من دولة تريد التفلت من الهيمنة الأميركية بعد أن امتلكت بدائل عدة.
من كل هذا نفهم لماذا هذا الاهتمام غير المسبوق بتشكيل حكومة غير سياسية تستطيع أن تتصدى لسياستها، كما نفهم لماذا تتمسك بمرشحيها وكلهم من الطبقة الفاسدة. ونفهم أيضاً أن الشارع الذي تحركه والذي أصبح متفلتاً ويشكل خطراً على لبنان الدولة، والذي لا بد سيواجه بالشارع الأكبر الذي ما زال يمارس الصبر الاستراتيجي حتى لا يستدرج إلى مواجهة عسكرية يفقد بعدها غطاءه السياسي.. ولكن إلى متى!!؟
إن غداً لناظره قريب…

د. عبد الحميد دشتي
التاريخ: الثلاثاء 24-12-2019
الرقم: 17153

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة