الملحق الثقافي:منال محمد يوسف:
يا أيّها الصبح. يا أناشيد الحسن والجمال، يا فلسفات الأقمار المُضاء في تقويم الحال المُضاف، و يا تراتيل مُشعّة النداء من ليل السمو الأعظم.
يا أيّها الصبح، يا نُطقُ النّور و إن تكلم قولاً بليغاً، وأزهرت قوافي شعره، قوافي لغته الوضّاءة المبتسم، أزهرت تراتيل من نور المحبة الخالصة، وشعاع فجر لا يعرف معنى الاستكانة، لا يعرف إلاّ الانبثاق كطائر فينيق ينتفض من بين الرماد، ويعزف على ناي الأيام، يعزفُ الأمل وكأنّه نشيد المُتعبين، نشيد الذين يذهبون إلى أرض الأمنيات السمراء، الأمنيات التي تُسطّرُ هناك، «نشيد الوقت الذي ما زالت حروفه تئنُّ هنا وهناك، تئنُّ وكأنّها تحملُ أوجاع طفل يُسافرُ عبر المجهول، يُسافر إلى جزر ومدائن يُقال غير منسية.
ترنّم الصبح في بساتين اللوّزِ أو الضّوء، ترنّم في صحوة الحلم، في صحوة العمر الأبهى وخبز تنوره الأبهى، «ترنّم وكأنه وليد اللحظة «لحظة الشّوق الأعظم» الذي نراه في عينيّ طفلةٍ تحدّثُ الزمان عن أساطير خُلقت في زماننا نحن.
يا أيّها الصبحُ، ما نزالُ نقرأ بكَ تساؤلات «جبران» وفلسفات الضّوء الأقرب إلى الصوفيّة، وما نزال نسيرُ بين رُكام وشاهقات الضّوء المُنبعث، نبحثُ عن «جذوةٍ مُشتعلة تُضيء لنا الأيام». ما نزالُ نبحثُ عن وقتٍ يُطلقُ عليه لقب «سيّدُ الضّوء» سيّدُ الجمال الذي لا يُستهان به ولا يُستهانُ بنبل قصائده الوقتيّة..
يا أيّها الصبح المكتوب فينا على شكل قصيدة تبحثُ عن القوافي والأوزان، تبحثُ عن قصائد الزبدِ والمرجان، و عن أشرعة الحياة المُثلى وإن كُتبَ لها أن تتمزق يوماً وتحادثُ الأيام شوقاً لزمن الماضي وأفعاله وما أجملها! وما أجمل الموج الذي يأخذنا أو يأخذ مراكبنا إلى حيث نشتهي! إلى هناك، إلى حيث أن نكون فعلاً، إلى حيث يجب أن تكون ذواتنا العاشقة حقاً «ذواتنا المنسيّة على هامش الأزمات، على هامش الوقت الضائع». ذواتنا التي يجب أن تستلهم من الصبح معانيه لأجل أن تحيا، يجب أن تعشق فلسفات من أجل أن تخضّر بعض سُنبلاتها.
يا أيّها الصبح، يا يقظة الفقراء وأناشيد تعبهم التي لا تنتهي
يا قنديل الضعفاء في ظلمة الغربة الموحشة وحكايات لا ينتهي مدّها وجزرها.
ويا ذاك الكتاب الذي يحمله «فقراء الأرض» ويحاولون الأخذ من نوره وأنواره، يحاولون أن يجسدوا لغةً تستشفُّ حروفها من الصبح، «ذاك الصبح وإن أقبّلَ في تبسمات فلسفات الحياة التي يجب الإقبال عليها»، يجب التهادي حيث زُخرفها الأجمل، زُخرف الشيء الذي يجب أن يتجمّل فينا، يتجمّل حكاية يورقُ شجنها الأجمل، شجنها الذي يحمل أفكار وتصورات مُتعددة حول الصبح حتى وإن ترنّمَ قوله، أو جاء مُترنماً.
«يسألنا «إن كنا أبناء الصبح.. أبناء مجده السّامي»، نحملُ فلسفات إشراقته الأولى والأخيرة، «نحملُ سموّ معانيه»، ونبحرُ من خلال مراكبه، نحملُ أشرعته أو أشرعتنا ولا نخجلُ إن تمزّقت يوماً، فربّما خيوط النّور تتشابك من جديد أو تُصاغُ الأقدار بما نشتهي أو نزرع على دروبها ودوربنا نحن، دروب الوقت صاحب الظّل الظليل الذي يبدو مُترنّماً في سرّه وإعلاء شأنه و إعلاء كلّ مقولة تنادي عليك أيّها الصبح.
التاريخ: الثلاثاء7-1-2020
رقم العدد : 981