هل العقاب ضرورة..؟..المعلمون الأقدر على معرفة الأساليب المطلوبة

 

انهمرت دموعها عندما أعلنت المعلمة نتائج امتحان الفصل الدراسي في مادة اللغة الانكليزية للصف الثالث ،مرحلة التعليم الأساسي ،مها ذات السنوات الثماني خافت عقاب والدتها وهي التي هددتها وتوعدتها بعقوبة الضرب والحرمان من المصروف إن لم تتوج تعبها وجهودها معها خلال الامتحان بعلامة تامة.

حاولت المعلمة تهدئتها والسيطرة على قلقها وتوترها بتحميلها رسالة إلى والدتها لتعفو عنها وتسامحها ،ولكن الأم التي مازالت تحاكي في تربيتها سلوك آبائها وأجدادها بمعزل عما يجري حولها من تغيرات جذرية في أساليب التربية الحديثة ،عاقبتها بالضرب والألفاظ الجارحة وتمظهر هذا العقاب بمشاعر الخجل والإحباط والحزن أمام أقرانها ومعلمتها في اليوم الثاني.
هل يجدي العقاب؟
تركز مناهجنا التربوية الجديدة على تزويد طلابنا بثقافة حياتية تمكنهم من امتلاك مهارات وخبرات وقيم أخلاقية ليكونوا أعضاء فعالين في المجتمع.
جاء في مناهجنا التربوية السعادة الحقيقية لا تكون بكثرة المال وامتلاك القصور بل بكثرة أبناء المجتمع المهذبين وأصحاب التربية الحسنة والأخلاق الرفيعة، وهنا نحن لسنا بصدد الحديث عن السعادة وإنما السؤال الأهم والأكثر إلحاحاً بالطرح ويجهل جوابه كثيرون.. كيف يكون التهذيب ؟ وما الفرق بين التأديب والعقاب؟وتكمن المشكلة في النظرة السائدة لدى بعض الأوساط الاجتماعية تجاه أساليب التربية الصحيحة والتهذيب للأبناء وإعدادهم السليم للحياة حيث تعتبر القسوة والعقاب الجسدي شكلا مقبولا من أشكال التهذيب وهناك خلط عند بعض الآباء بين مفهوم التربية الصحيحة وسوء المعاملة بأنواعها المختلفة ،وهل يجدي وضع»الفلفل الحار» في فم ابن الخمس سنوات لاستخدامه كلمات نابية مع أولاد الجيران ؟أو صفع طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره لأنه رطب فراشه وثيابه؟..وهل يجدي الصمت أمام عقوبات جسدية للأبناء قد تؤدي إلى الموت أو الإعاقة الجسدية أو النفسية ،وهل حسن النية يبرر استخدام عقوبة الضرب أو الإهمال أو العنف اللفظي للآباء ؟أسئلة كثيرة طرحناها على أهل الاختصاص للتزود بمهارات فهم سلوك الطفل والتربية الصحيحة.
التأديب والتهذيب ..لضبط السلوك
يؤكد الخبراء في الهيئة السورية لشؤون الأسرة ،أن الأطفال يخافون جو الأسرة المضطرب ،فوجود النقد الزائد باستمرار يولد الخوف لدى الطفل بأن لاشيء يفعله صحيح كما أنه يتوقع دائماً الاستجابات السلبية والعقوبات وكذلك جو المنزل الذي يتسم بالضبط والمتطلبات الزائدة تولد الخوف أما الصراعات الأسرية فتؤدي للشعور بعدم الأمن والخوف ويؤدي التوتر النفسي أو الجراح الجسدية إلى خوف لا ينتهي في لحظته ،حيث يشعر بالعجز وبأنه غير مهيأ للتعامل مع الحوادث وتكون النتيجة هي بقايا الخوف التي قد تصبح أكثر شدة وتستمر لفترة من الزمن.
ومن الأساليب التربوية الحديثة عند استيقاظ الطفل ليلاً باكيا بسبب خجله من ترطيبه لملابسه وفراشه خوفاً من العقاب على الأهل إشعاره بالدفء والحنان وعدم توبيخه أو اللجوء للقصاص أو إهانته والتأكيد أنهم يحبونه وليسوا غاضبين منه ،وعلى الأم أن تبدل ثيابه بهدوء وهي تحدثه وتهدئ من اضطرابه ثم تحضنه أو تجلس بقربه حتى يعود للنوم ثانية.
ويضيف الخبراء إنه لا يمكن مطلقاً تبرير العقاب الجسدي والإساءة اللفظية بوصفها أساليب لتأديب الأطفال لأنها تعلمه خداع والديه وتحطم احترامه لذاته وتعلمه أن العنف أسلوب مقبول لحل المشكلة ويمكن أن يستخدم منع تقديم المكافآت وفرض العقوبات تأديباً فعالاً شريطة أن يتم بطريقة صحيحة.
ويساعد التأديب الفعال على تعلم ضبط سلوكهم بحيث يتصرفون وفقاً لاقتناعهم بما هو صحيح وما هو خطأ وليس لأنهم يخشون العقاب ،وبعض الآباء والأمهات يضربون لأنهم يعتبرون الطاعة أمراً في غاية الأهمية وهدفهم أن ينكب الطفل على القيام بما يطلب منه دون أي أسئلة أو مناقشة وعندما تكون الطاعة هي الهدف فإن الطفل يصبح سلبياً ويفقد المتعة والحيوية ،وتعليم الطفل وتدريبه على إتباع الحدود والقواعد المنطقية والواقعية والثبات والمتابعة لها من الأهل ترشده إلى معرفة الحدود المطلوبة منه وتمنحه الشعور بالأمان والاهتمام ولا يبقى حائراً لا يعرف كيف يتصرف وقد يعجز عن تفسير غضب أهله تجاه بعض سلوكياته.
الضرب يولد الضرب
د.سبيت سليمان مديرة البحوث في وزارة التربية تؤكد أن العقاب البدني والنفسي يولد مشاعر الخوف والغضب ويزيد من ظهور السلوك السيئ السلبي ويبعث في النفس اليأس والخنوع والإحباط مع تجنب الشعور بالمسؤولية فيما يتخذه الأبناء من قرارات وله تأثير سلبي على تقدير الذات ،وعن الحلول التربوية قالت:البدائل التربوية في حقول معارفنا وأخلاقياتنا الاجتماعية والدينية فالصراحة والمحادثة والحوار مع أطفالنا تجعلنا أقدر على فهم سلوكياتهم وتوجيهها ،والمعلمون هم على قدر عال من الإدراك والوعي بالأساليب التربوية وعليهم مسؤولية حث الأهل على إتباعها مع الأبناء بعيداً عن العقاب البدني والنفسي بأشكاله كافة بحيث لا نرى من أطفالنا غير وجوههم وأجسادهم غير مدركين لما يدور في نفوسهم وخواطرهم من تساؤلات حول هذه الأساليب التي تستخدم ضدهم ،وبهذا نربح السلوك ونخسر النفوس التي تغور في المتاهات والإحباط والعقد والأمراض النفسية التي تجعلهم بعيدين عنا وهم أقرب الناس إلى قلوبنا.
ويبقى الحوار ..مهارة تهدئ غضب الأطفال وانفعالاتهم ومجرد امتلاك الأهل لهذه المهارة لن يضطروا إلى استخدام الضرب وفرض العقاب فالاستماع والإصغاء يبعثان على الهدوء والاطمئنان والثقة بالنفس ما يجعل الأبناء أكثر قدرة على الكلام وتبرير ما قاموا به من سوء تصرف بصدق وجعل سلوكهم ينال رضا الآخرين.

رويده سليمان
التاريخ: الجمعة 17-1-2020
الرقم: 17171

 

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص