اتسمت تجربته بالغنى والتنوع، تنقل فيها بين المدارس الفنية التعبيرية والواقعية الحديثة والسريالية والتجريدية، معتمدا على التعبير بعفوية وواقعية على الإنسان الذي يختزن بتضاريسه كل الهواجس والهموم والطموح والرغبات، مادفعه للتركيز على معالمه بقيمة فنية تشكيلية تستحق التوقف عندها واكتشاف مكنوناته الشكلية والتعبيرية.
وفي المعرض الجماعي الذي أقيم في مركز ثقافي «أبو رمانة» وضم نحو 33 لوحة حملت توقيع فنانين من جمعية «شموع السلام» ممن عاصروا الفنان نعيم شلش أو تتلمذوا على يديه، وجاءت في سياق تقديم بطاقة شكر للفنان المحتفى به على ماقدمه خلال مسيرته الفنية التي تزيد على أربعين عاما.
شهادات
– قالت لينا رزق رئيسة جمعية شموع السلام إن تحية الفنان نعيم شلش جاءت تقديرا ورسالة حب ووفاء وتسليط الضوء على أعماله في معرض تكريمي وندوة يشارك فيها ممن عاصره «سعد القاسم، د. محمد غنوم، نشأت الزعبي» ولنضيء شمعة صغيرة ونقدمها للفنان عربون محبة وكلمة شكر لعطاء الفنان شلش.
وعن مشاركتها تقول: هو عمل يحمل وجوها عديدة تتخبط في مشاعر متناقضة، لكل وجه حكايته ويعبر عن معاناة، ألم، سعادة، كما الحياة التي نعيشها في متناقضاتها.
– وتوقفت الإعلامية إلهام سلطان عند أهمية تكريم القامات التي كان لها دور كبير في رسم مسيرة الحضارة والفنان نعيم شلش أيقونة وطنية ترك بصمة مميزة في تاريخ سورية، ولابد من التوقف عند مسيرته الفنية الحافلة والغنية، وهو مبدع ضمن سلسلة طويلة من المبدعين استطاعوا أن يلونوا الحياة بألوان الفرح رغم كل الظروف القاسية.
– وبين الشاعر سليمان السلمان أن الفنان التشكيلي نعيم شلش التفت إلى الفقراء والعمال والكادحين في لوحاته، ويتمتع بشخصية متفردة بعذوبته وجمالية رسمه وخطوطه المتميزة باعتماده على اللون البنفسجي الذي يمثل الألم وموقفه من القضايا الفنية التي تعبر اجتماعيا وحياتيا عن مصالح الناس.
– وعبرت سحر مسعود عن تقديرها للفنان الكبير شلش والمشاركة كانت من خلال لوحة تمثل الريف في السويداء، وهذه اللفتة في جمع الفنانين لتكريم الفن والإبداع من قبل شموع السلام لبلد السلام.
– وترى الفنانة باسمة الحريري أن التكريم هو كلمة شكر لكل مبدع من بلادنا يبني ويرفع البنيان، والفنان شلش استطاع أن يترك بصمة هامة على مساحة المشهد التشكيلي عل مدى سنوات طويلة.
فيلم وثائقي
وافتتحت الندوة بفيلم قصير من إعداد إلهام سلطان يحكي سيرة الفنان الذاتية ومن ثم تكريمه بحضور وسيم المبيض مدير ثقافة دمشق ورباب أحمد مديرة المركز ولينا رزق رئيسة جمعية شموع السلام.
مداخلات
– توقف د. محمد غنوم في تحيته للفنان نعيم شلش عند نقاط ثلاث وهي: التواضع، حيث يدخل شلش الحركة التشكيلية السورية ولاينظر إلى الصف الأول، لكنه يجلس في المكان الذي يعرف أن مايحيط به هم من المحبين ومن هم في مثل تواضعه، والنقطة الثانية الخصوصية فهو يرسم مايراه في ذاكرته البصرية المختزنة بشفافية نادرة، ورسومه مرآة لشخصية تحترم الصمت وتبتعد عن الإسراف في الألوان والخطوط وتقدس العمق.
والنقطة الثالثة هي الأصالة، فمفرداته التشكيلية من وجوه وعناصر أخرى نراها تحيط بنا من كل جانب، هو متأثر بكل مافي الوطن من جمال لأنه ابن الوطن البار، صادق وأمين في إعادته لنا بعد أن يعكسه بثقافته البصرية وحسه وخصوصيته بلطف وبصوت يكاد يسمع وهمس تشكيلي يطرب سامعه.
– ويرى الفنان التشكيلي نشأت الزعبي أن تجربة شلش تتخطى الواقع المرئي المحسوس في سعي حثيث إلى ماهو أسمى وأكثر شمولية وماهو أكثر خصوصية وروحانية أيضا، وذلك من خلال المعالجات التي بجهده التأملي تمكنت من تجاوز كل ماهو مألوف من قواعد وتقاليد أكاديمية في رسم الشخصيات الإنسانية، وصولا إلى تجسيد حي لحقائق الشعور كما هي في أعماقه، وهو يهدم ماهو مرئي ليعيد بناءه بقواعد جديدة وتقنيات تسمح لنا برؤية الشخصية موضوع العمل من نقاط مختلفة بنفس الوقت، لتتحول بذلك المشاعر التي تتفاعل في داخله إلى خلق فني أصيل.
وفي أعماله نوع من الترابط التقني لايخص أحدا غيره، ترابط تتخلى فيه الخطوط والألوان عبر مهمتها بتمثيل الموضوع لتكون هي الموضوع بحد ذاته، ولنجد أنفسنا في النهاية أمام دراما مشهدية بالغة الروعة والتأثير.
– ويرى الناقد سعد القاسم في مداخلته التي قرأتها بالنيابة رباب أحمد أن المصور الزيتي نعيم شلش يمتلك أسلوبا واضح التميز في المشهد التشكيلي السوري تراوح توصيفه بين التعبيرية والتجريد الهندسي، غير ان خاصيته الأساسية تمثلت على الدوام في المناخ اللوني الذي يجمع بين معظم لوحاته مترجما عبر الالوان الهدوء العميق الذي يتسم به الفنان ذاته.
– وبدوره عبر الفنان عن سعادته بالتكريم وقال: أشعر بحالة عاطفية مرتفعة، وهذا التكريم يعني لي الكثير من محبة الأصدقاء ووفائهم، والشعور متبادل من القلب إلى القلب، وقد شاركت بخمس لوحات هي لوجوه كانت مختزنة في الذاكرة وانسكبت على سطوح لوحاتي.
مسيرة
ولد الفنان شلش في درعا العام 1941 وتخرج عام 1966 من قسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة، جامعة دمشق، شارك بالعديد من المعارض، ومشاركته الدائمة في المعرض السنوي لفرع القنيطرة في نقابة الفنون الجميلة وهو الفرع الذي ترأسه لسنوات.
وعلى صعيد مشاركته الخارجية، فقد كان له مشاركات في عدد من المعارض الجماعية في لبنان والعراق وليبيا والجزائر وألمانيا، ونال عام 1996 الجائزة التشجيعية للبينالي العربي الأول في مهرجان المحبة، و بعض أعماله مقتناة في المتحف الوطني بدمشق ووزارة الثقافة والإدارة السياسية ومحافظة القنيطرة، إضافة إلى مجموعات شخصية في ألمانيا والأرجنتين والجزائر ولبنان.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 31-1-2020
الرقم: 17182