الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
في ذلك الزمن، الذي كانت فيه الثقافة نبعاً ووسيلة لتطوير الحياة، ولإنقاذ العالم من وهنه ورتابته، كانت المعارك الثقافية لها قيمتها؛ لم تكن شخصية «في الغالب طبعاً»، وإنما كانت تدور حول الأدب والفن، حول قيمة الفنون في تطوير الإنسان. كان الكتّاب يختلفون وينصبون المتاريس في الساحات، ويتواجهون بأناقة واحترام، وينتصر من تكون وجهة نظره أقرب إلى الحقيقة.
اليوم، ومع اقتراب العالم من التفاهة المطلقة، ومع اختلاط المعايير، وربما فقدها، نشهد معارك تبدو في ظاهرها ثقافية، إلا أنها ليست سوى تصفيات حسابات، سببها الغيرة والحسد مرة، والحقد في مرات كثيرة. إلا أن الهم الثقافي يكون معدوماً تماماً.
والمؤسف أن الإعلام كذلك يشارك في هذه المهازل، ويدفعها إلى واجهة الأحداث الثقافية، وكأنها شيء يتميز بأهمية فريدة.
في نظرة متأنية على الأحداث الثقافية، وعلى الواقع الثقافي العربي، تبدو هذه المعارك التافهة عادية وغير مستهجنة. فالواقع المزري للثقافة لا يمكنه أن ينتج سوى الثرثرة والاتهام والتشويه والتقليل من قيمة الفن. ويشارك الكتّاب في هذا الهرج «الثقافي» وكأنهم يدافعون عن حصن الثقافة.
الفنون الآن جميعها في خطر، ويبدو أن من استولى عليها مجموعة من المراهقين ثقافياً، والمهووسين بعالم الشهرة وليس المجد. ولذلك فإن خلق معارك تافهة، لا يعبر إلا عن المستوى الثقافي الذي وصلنا إليه، والذي لا يمكن لأصحابه أن يعلنوا عن وجودهم إلا من خلال الصراخ والاتهام، وليس من خلال الإنتاج الفني الراقي.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء11-10-2020
رقم العدد : 986