ثورة أون لاين – نهى علي:
وصل الكم التراكمي لما يمكن تسميته ” مشروعات الفقراء” إلى حدود جيدة، يمكن أن تتيح جرعة عالية من التفاؤل بالاتساع المضطرد أفقياً لهذا النوع من المشروعات، ذات الأثر بالغ الإيجابية على مستوى مكافحة البطالة والفقر.
وفي سياق توجّه الدولة نحو توطين المزيد من هذه المشروعات، يظهر برنامج “مشروعي” كحالة متقدّمة، وتجربة ناصعة وواعدة، وهو برنامج يقدّم قروضاً متناهية الصغر لدعم مشاريع صغيرة مدرّة للدخل، تسهم في تحسين دخل الأسرة والتمكين الاقتصادي، ليس للمستفيد فقط بل للتجمع السكاني الذي يستهدفه البرنامج بالكامل، حيث ساهم في دعم قطاعات الإنتاج كافة في المناطق المستهدفة كالزراعة والثروة الحيوانية، كما عمل على دعم الصناعات التراثية والتقليدية وحمايتها من الاندثار، مثل التنور وصناعة الخبز والأعمال اليدوية المختلفة من خياطة وحياكة وتطريز وصناعة دمى وصناعات غذائية.
وتعكف الحكومة حالياً على تنفيذ إستراتيجية جديدة في خططها بتأمين عائدات مالية للوحدات الإدارية من خلال مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة، ما سيسهم في تشغيل عدد كبير من الأيادي العاملة حسب مؤشرات عدد السكان وذوي الشهداء وجرحى الجيش من المدينة أو البلدة.
ويظهر المثال التطبيقي واضحاً في محافظة ريف دمشق، المحافظة التي شكّلت لجنة تنموية بناء على توجيهات رئاسة الحكومة، تدرس المشاريع الاستثمارية المرسلة من الوحدات الإدارية وفق الجدوى الاقتصادية التي من الممكن أن يقدمها المشروع المقترح.
وتؤكد مصادر في المحافظة، أنه تم رفع 10 مشاريع إلى وزارة الإدارة المحلية ليتم اعتمادها، مع الدعوة إلى تحديد آلية لإدارة المشاريع بمشاركة المجتمع المحلي، إضافة إلى الرقابة على تنفيذها خطوة بخطوة من أجل تحقيق الغاية المرجوة منها.
وتلفت المصادر إلى أن المحافظة نجحت بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية المحلية ووزارة الإدارة المحلية بتفعيل المشاريع التنموية من خلال منح القروض الميسّرة للأسر المحتاجة والفقيرة، مع منح سلف مالية طلابية، حيث استهدفت هذه المشاريع 19 تجمّعاً، ووصل عدد السلف الممنوحة إلى 3250 سلفة، ما حقق فرصاً استثمارية تركت أثرها الإيجابي على الأرض، مؤكداً توسيع الرقعة واستهداف 34 تجمّعاً لتكون السلة كبيرة وشاملة للوصول إلى تغذية راجعة.
وتعد الخطط الإستراتيجية الجديدة للمحافظة، بتوسيع التجربة الناجحة في مجال السلف الصغيرة والمتناهية الصغر التي بادرت بها جهات من القطاع الأهلي وأوجدت من خلالها عشرات الآلاف من فرص العمل عبر مشاريع منتجة صغيرة خلال أقل من عامين وبتمويل ليس كبيراً.
و الأمانة السورية ووزارة الإدارة المحلية من الجهات التي يتم التعاون معها في هذا المجال عبر القروض والسلف الصغيرة أو المنح الإنتاجية التي يتم تقديمها لجرحى الجيش من ذوي الإصابات الدائمة، بينما سيتم توزيعها لاحقاً لجرحى الجيش بمستوى إصابات أقل ولعائلات الشهداء أيضاً، معتبراً أن الأبواب مفتوحة أمام الجميع لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.
ويعمل البرنامج على دعم قطاع التعليم، من خلال تقديم سلف طلابية تساعد الطلاب على متابعة التحصيل العلمي بعد الثانوية لاستكمال الدراسة في المعاهد والجامعات ما يسهم في خلق جيل شباب واعٍ وفعّال وقادر على لعب دور قيادي في مجتمعه في المستقبل.
ويشجع البرنامج على التكافل والتعاضد بين المستفيدين لتنفيذ مشاريع جماعية استناداً إلى العمل المشترك وتضافر الجهود لتقليل التكلفة وتعظيم أثر المشاريع في تحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة، كما يدعم برنامج “مشروعي” برامج نوعية تستهدف التجمعات والفئات السكانية في مناطق مختلفة جغرافياً ضمن المحافظة تصل إلى مستوى المشاريع الوطنية، حيث يكون التنسيق في التنفيذ بالتشارك مع جهات اعتبارية حكومية ومنظمات أهلية ودولية وقطاع خاص.
البرنامج يؤكد أهمية التشارك بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأفراد من أجل المضي قدماً في دعم عجلة التنمية عامة والتنمية الاقتصادية خاصة حيث يسهم في تعزيز دور المجتمع الأهلي ممثلاً بلجان التنمية المحلية التي تدير صناديق القرية، وتلعب هذه اللجان دوراً فاعلاً في قيادة عملية التنمية وتنفيذ البرنامج والمساهمة في تعزيز العمل الطوعي وتنفيذ مبادرات أخرى تنبع من احتياجات المجتمع المحلي.
هذا و بلغ عدد المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي يدعمها برنامج مشروعي بمحافظة ريف دمشق حتى الآن 3251 مشروعاً تنوّعت بين المشاريع الزراعية بشقيها النباتي والحيواني والحرف اليدوية والتجارية. وبداية البرنامج كان في مدينة جرمانا بدعم ثلاثة مشاريع فيها وفي بلدتي هريرة وإفرة، بينما بلغ عدد الصناديق التابعة للبرنامج 19 صندوقاً موزعة في قرى وبلدات أشرفية صحنايا ومعلولا والحرجلة وحرفا وعرنة ورخلة وخربة السودا والكفرين والهيجانة والسحل والبيطارية والمراح ومعرونة وبلودان والروضة.
يركز البرنامج بالدرجة الأولى على المشاريع الزراعية مثل التوسع في زراعة الوردة الشامية في المراح وتربية النحل في معلولا وزراعة الفطر المحاري في أشرفية صحنايا وتربية الماعز البلدي في إفره، إضافة إلى إنتاج الألبان والأجبان ومشاريع استصلاح الأراضي والتقليم ورش المبيدات والشتول وزراعة الكرز والتفاح.