الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
استطاع نيتشه بنظره الثاقب أن يعلن عن أن العدمية ستجتاح حياتنا، وستكون لها آثار مدمرة. استشرف بأن تكون العدمية ذات تأثير على قيم وأخلاق القرن القادم/ العشرين، ومن ثم سينعكس هذا التأثير السلبي على حضارتنا بأكملها، ويردينا في مهاوي القلق والخوف والرعب.
لم يكن نيتشه منجّماً، وإنما كان باحثاً ومفكراً وفيلسوفاً، قرأ ما تروجه القوى المسيطرة على العالم، وهو في المركز منها. وهو بهذا كان يلامس تدهور الأخلاق والقيم وانسحاقها تحت عجلة الصناعة وغول المادة.
يهاجم نيتشه القوة الارتكاسية التي تؤدي إلى التدهور، ويعلي من شأن القوة الفاعلة، وهو بهذا لا ينصاع لفكرة العدمية، وإنما هو يشرحها ويدل عليها بثقة، وينتقدها. إنه يقدم تقييماً موضوعياً نزيهاً للعالم الذي يراه ويعيش فيه. ورغم ذلك، فهو يعلن إرادة القوة للحفاظ على الذات من أن يجرفها تيار العدم.
حين يهاجم نيتشه الأخلاق، فإنه ينهال بفأسه على الزائف منها، لأنها ارتكاسية، وقادت الغرب/ غربه إلى العدمية. هذه الأخلاق قد أودت إلى السلبية وإلى تدمير المجتمعات، وهذه لا يمكن هزيمتها إلا بقوة فاعلة مضادة لها.
يدعو نيتشه إلى خلق قيم جديدة في المجتمع، ويطلق عليها «القوة الديونيسية». ولذلك فإنه ليس عدمياً لأنه يؤكد على ضرورة خلق قيم جديدة، أي أنه يؤكد على القيم السامية في مناقض القيم السلبية والوضيعة التي يعتمدها الناس. إنه يكره عالمه الذي انبثقت عنه كل تلك القيم والأخلاقيات.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء3-3-2020
رقم العدد : 989