ربما لم يسجل التاريخ الحديث أن طالبت دولة ما جيش دولة أخرى أن ينسحب من أرضه تمهيداً لغزوها كما فعلها رئيس النظام التركي حين طالب الجيش العربي السوري بالانسحاب إلى ما وراء حدود (سوتشي) على حد زعمه، وكأن الأرض أرضه، ووجه المفارقة المثيرة للاستنكار هنا أن أردوغان يتجاهل أنه قوة احتلال غازية.
وربما لم يعرف العصر الحديث واهماً أكثر من هذا الأخير وهو يطلق تهديداته ضد سورية، ويتوعدها بالحرب في حال لم يتراجع الجيش العربي السوري عن الأراضي التي حررها من التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
ووجه (الوهم) هنا ظهرت آثاره المباشرة في الميدان حين زج أردوغان بأعداد كبيرة من جنوده ومرتزقته ودباباته وآلياته العسكرية وطائراته في المعركة، فتلقى صفعة مدوية بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها بالأرواح والعتاد وحصاد الخيبة والخذلان.
أما ترامب فكان أكثر وهماً من أردوغان حين شكر هذا الأخير على عدوانه على سورية وبأن هذا العدوان سيجنب على حد زعمه حدوث كارثة في إدلب في سابقة خطيرة من تشويه الحقائق وتزييفها، فمن صنع الكارثة والقتل والإرهاب واستباح دماء السوريين وخلف الخراب والدمار هي منظومة العدوان التي يتصدر رئاستها الإجرامية هذان المعتديان ومعهما الكيان الإسرائيلي والأعراب وحلف الناتو.
لكن منظومة العدوان التي تزج اليوم بأداتها التركية في المعركة لتحتل الأرض وتنتهك سيادة وحرمة الأراضي السورية وتدعم التنظيمات المتطرفة تناست أن أجنداتها ومعاركها الجوفاء اليوم هي مجرد أوهام أمام شعب يملك من الإرادة ما يكفي لتحرير أرضه من الاحتلال والإرهاب.
أحمد حمادة
التاريخ: الأربعاء 4-3-2020
الرقم: 17208