عرفت البشرية منذ وجودها الكثير من الأوبئة التي حصدت الملايين من الأرواح، وانتهت بمرحلة ما، من الطاعون إلى السل وغيرهما من الأوبئة الأخرى التي وصلتنا أخبارها، واستطاع العلم بفضل الجهود المبذولة الوصول إلى علاج المستعصي منها صحيح أنه لكل عصر أمراضه التي تختلف عن أمراض العصر الذي سبقه، فأمراض القرن الحالي بالتأكيد أكثر تطوراً من أمراض القرن التاسع عشر، وما يكاد ينتهي وباء حتى يحل آخر مكانه ليحصد الآلاف، بل ربما الملايين ريثما يتم استيعابه والوصول إلى نقطة ما يتم حصره وكسر زحفه.
لكنّ وباءً وحيداً مازال منذ أن كان الإنسان إلى اليوم مستعصياً على الشفاء، ولم يصل العلم إلى دواء ناجع له، ولن يكون بمقدوره فعل ذلك، ينتشر هذا الداء الوباء بين الأفراد كما بين الدول، ولاسيما الأنظمة التي لا تعرف شيئاً من الإنسانية وتنقله إلى مجتمعاتها، بل تعمل على استخدامه سلاحاً فتاكاً تظن أنه يقتل من يوجه إليه، بكل بساطة واختصار إنه وباء الحقد والكيد والضغينة، وإذا كانت العامة تسميه الحسد، تردف قائلة: لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله ..
ربما يسأل أحد ما: ولمَ الحديث عن الحسد والكيدية والحقد؟ وماعلاقتهما بالوباء العالمي الذي أخذ أكثر مما يجب من الاهتمام ومن ذرائع كثيرة، من المعروف أن خريطة انتشاره تتوسع وثمة أماكن كثيرة تضاف إلى القائمة يومياً، والضخ الإعلامي المرافق الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وتوقف عندها بتفاصيل لا تهم الكثيرين، لكن اللافت للانتباه الحقد الذي ظهر من قنوات مواقع تتربص بسورية شراً وكراهية وحقداً، لم تدخر جهداً من عشر سنين إلا وبذلته وعملت من أجل تشويه صورة المجتمع السوري، من الحرب الإعلامية القذرة التي ما زالت مستمرة، ووباء الكورونا جانب منها.
يعرف العالم كله، والحاقدون علينا أولاً، يعرفون أن سورية مازالت الدولة العربية الاكثر تطوراً في مجالات كثيرة من الرعاية الطبية والاجتماعية والتربوية، وما أكثر من قصدها طلباً للاستشفاء، هذا ليس من باب الإنشاء، ولا التغني بشيء غير موجود إنها الحقيقة التي ستبقى ساطعة.
سورية تعلن أنها لم تسجل أي إصابة بالكورونا، الأمر الذي أقض مضاجع أبواق العدوان والحسد والحقد، لا ندري لماذا يصلون ليلهم بنهارهم فقط للضخ الإعلامي السام حقدا على سورية، فقط لاشغل لهم إلا أن يأتيهم خبر ما، من أينما كان يقول: إن إصابة ما سجلت في سورية ..
الوباء المرضي ليس معرة، ولا هو نقيصة بحق أي دولة ما، وكونه وباءً عالمياً، تعلن الدول عدد الإصابات التي تسجل فيها ومن الطبيعي لو أن في سورية إصابات أن تعلن وتوضح، ولكن من غير الطبيعي، ولا المألوف أن تكون أبواق الأحقاد والغة إلى هذه الدرجة، ومشغولة فقط بسورية، أليس هذا حقداً ووباءً لايمكن الصمت حياله؟
كورونا الحقد البشري، يظهر كابوساً لايمكن الخروج منه إلا باقتلاعه من جذوره، وهو الأكثر خطورة وفتكاً من أي وباء آخر وعلى ما يبدو أن للأعراب منه النصيب الأكبر فمن أين نأتي بالعلاج ؟
ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 13-3-2020
الرقم: 17216