شيءٌ صادم بكل معنى الكلمة، وقتما نتطلّع فنرى العديد من رجال الأعمال، في بلادنا المحسوبون على الشريحة الإنتاجية التي تُساهم بكل قواها من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني، نراهم يتساقطون الواحد تلو الآخر في أفخاخ الجمارك، متلبسين ببضائع يهربونها من أصقاع العالم..!
لم نعد نعرف هؤلاء هل هم رجال أعمالٍ فعلاً..؟ أم أنهم رجال تهريب..؟! أم يريدون أن يُدخلوا مصطلحاتٍ جديدة غير معروفة من قبل كأن يكونوا (رجال أعمال التهريب) مثلاً..؟!
يحقّ لنا أن نمارس الصدمة فعلاً من مثل هذه المظاهر، مثلما يحق لهم – بمفاهيمهم وأعرافهم – أن يمارسوا التهريب.. فالصدمةُ بالتهمة والبادئ أظلم.
عشرات القرارات التي تُصدرها وزارة المالية بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرجل أعمال هنا وآخر هناك، وتوضح المالية بقراراتها بأن سبب الحجز الاحتياطي هو (الاستيرادُ تهريباً) إنها عبارة تستخدمها وزارة المالية في قراراتها بمنتهى التهذيب، فهي لا تزال تتمسّك بأكثر من الحدّ الأدنى بمثل هذا الخطاب المهذّب فعلاً، لأن رجل الأعمال الذي يُهرّب هو في الحقيقة لا يقوم بالاستيراد تهريباً، وإنما يقوم بكل وضوح (بالتخريب تهريباً) فمن المعيب وإلى حدود اللامعقول أن يستسهل رجل الأعمال – الذي تفتح له الدولة أبوابها للمزيد من التسهيلات والإعفاءات والامتيازات من هنا وهناك – القيام بأعمالٍ تخريبيّة كالتهريب، ضارباً عرض الحائط بالاقتصاد الوطني الذي لا يساوي عند من يفعل ذلك شيئا، فيما نحن نعيش واهمين بأن هؤلاء هم الذين سينعشون الاقتصاد، ويحركون عجلة الإنتاج..! إنه لأمر مؤسف حقاً.. ولا ندري متى يمكن لمثل هؤلاء أن يفهموا بأنّ للعمل شرفاً ووساماً يحتاج إلى رجالٍ فعلاً كي يتقلّدوه..؟!
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 16-3-2020
الرقم: 17217