يبدو أن النظام التركي الإخواني لم يعتبر بعد من دروس هزائمه في سورية، ولا يريد حتى الإنصات لأصوات الحق والحكمة في الداخل التركي أو للضغوط التي تتصاعد حتى داخل حزبه الحاكم لانسحاب قواته الغازية من سورية وإعادتها إلى قواعدها في تركيا.
ولا يريد رجب أردوغان الذي يمسك بالقرار داخل هذا النظام الاستعماري أن يعترف بأن بلاده تسير نحو طريق مسدود بسبب تدخلها العسكري والسياسي في سورية، ولا يهمه إلحاق الضرر بسمعة دولته كدولة راعية للإرهاب، فأجنداته العثمانية أعمت بصره وبصيرته.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره الاتهام بل هو حقيقة تدعمها مئات الشواهد والأمثلة، وآخرها الاتفاق الأخير بينه وبين روسيا الذي نص على التزام الجميع بوحدة سورية وسيادتها والاستمرار بمكافحة الإرهاب فيها لكنه كان السباق لخرق هذه السيادة بطرق شتى.
فالاتفاق نص على وقف الأعمال القتالية في إدلب عند الوضع الراهن الذي فرضته انتصارات الجيش العربي السوري على التنظيمات الإرهابية، لكن نظام أردوغان خرقه عشرات المرات بشكل مباشر من قبل قواته الغازية وبشكل غير مباشر من قبل مرتزقته.
كما نص الاتفاق أيضاً على فتح الطريق الدولي بين حلب واللاذقية إلا أن هذا النظام لم يلتزم بحرف واحد منه، بل إنه أوعز لإرهابييه لاستئناف أعمالهم الإجرامية هناك، فقطعوا الطريق ومنعوا أي محاولة لفتحه أمام حركة مرور المواطنين، ثم قاموا بتفجير جسر محمبل الاستراتيجي غرب أريحا.
هذه الخطوات العدوانية تؤكد من جديد أن النظام التركي ليس لديه احترام لعهد أو اتفاق أو تفاهم، ولا يفكر إلا بخرق الاتفاقات والانقلاب على التفاهمات، وأنه لم يتخل بعد عن أجنداته الاستعمارية في احتلال الأرض وسرقة الثروات والتغيير الديمغرافي وتحقيق الأمن التركي المزعوم.
أحمد حمادة
التاريخ: الأربعاء 18 – 3 – 2020
رقم العدد : 17219