كورونا لم يصل إلى الذروة بعد حسب التقارير الدولية، وأميركا لم تتوقف عن استغلاله والاستثمار فيه أيضاً حسب الوقائع والمعطيات الميدانية على الأرض، وإلى جانب إشهارها سيف العقوبات لمنع دول كثيرة ومنها سورية وإيران وفنزويلا وكوبا من مواجهة الوباء والتصدي له، تواصل تصعيدها عسكرياً، وتحضر لاعتداءات جديدة على دول المنطقة على غرار التحركات المشبوهة في العراق والمترافقة مع تهديدات علنية وصريحة لإيران، بالتزامن مع إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية واللوجستية إلى منطقة الجزيرة السورية لرفع وتيرة سرقة النفط، ودعم مرتزقتها الإرهابيين.
نظام المجرم أردوغان الذي يشرف على رعاية واحتضان إرهابيي واشنطن بأوامر منها، أرسل بالمقابل المزيد من قواته المحتلة إلى مدينة رأس العين بحجة وقف الاقتتال الدائر بين مرتزقته إثر خلافاتهم على تقاسم المسروقات بعد تهجير الأهالي من المدينة، ليضيف هذا المشهد العدواني سيناريو آخر يكشف ما تحضر له منظومة العدوان في المرحلة القادمة، ولا سيما أن جميع أقطابها يسعون لفرض مشروعهم التقسيمي انطلاقاً من منطقة الجزيرة بعدما تناوبوا على تنفيذ أدوارهم القذرة، من دعم الإرهاب، إلى محاولة إنهاك الدولة السورية بتخريب ممنهج لاقتصادها عبر تدمير ونهب مصانعها وفرض العقوبات الجائرة، وصولاً إلى استغلال جائحة كورونا اليوم لإطباق الحصار، ولاحقاً إشهار ورقة الضغط والابتزاز على طاولات الحل السياسي الذي تريده واشنطن وأتباعها مفصلاً على مقاس أطماعهم الاستعمارية.
أميركا المتغطرسة تتمسك بنهجها الإرهابي لتحافظ على جبروتها وسطوتها، فهي لطالما فشلت كقوة عظمى بإدارة الأزمات العالمية، لا بل إنها تجيرها لمصلحة مخططاتها الخبيثة تجاه شعوب العالم، وهي محاصرة اليوم بعجزها عن مواجهة فيروسها القاتل كورونا بعد أن خرج من تحت سيطرتها، ولا يروق لها ما تقدمه كل من روسيا والصين على هذا الصعيد، حتى في ظل تعرضهما لعقوباتها الاقتصادية، وترفض الدعوات الدولية للتعاون الجماعي ضد كورونا فقط لأنها تعارض فكرة وجود أي دور فعال لأقطاب دولية أخرى على الصعيد العالمي، بما يتيح لها الاستئثار بالهيمنة والتفرد بالقرارات الدولية.
من المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي بعد غد الخميس، ولأول مرة مستجدات كورونا وتداعياته الكارثية على حياة البشر، والاقتصاد العالمي المتهاوي والذي يهدد بدوره دولاً كثيرة، ومن المستبعد أن يكون الحضور الأميركي إيجابياً في هذا الاجتماع لأنه لا يقيم أي وزن للاعتبارات والقيم الإنسانية، وربما يقبل بدور آني مؤقت لباقي الدول بما يمكن واشنطن من مواجهة الفيروس على أراضيها، لتعود لاحقا وتنقض على الجهود الدولية مجدداً، كما حصل سابقاً عندما انسحبت من كل الاتفاقيات الدولية، لأنها بكل بساطة تحارب أي نظام دولي يقوم على مبدأ تعددية الأقطاب..
بقلم ناصر منذر أمين التحرير للشؤون السياسية