ثورة أون لاين – منال محمد يوسف:
إنّه القيصر ذاك العظيم الذي يدلُّ على المكانة الرفيعة و مُقاربة أصحاب الشأن رفعةً و مقاماً
إنّه قيصر الأوجاع
لم يكن بذاك العمل الروائيّ الذي يتحدّث عن حياة القياصرة حيث الخيال الإبداعيّ الذي يأخذنا إلى عوالم أخرى
و حيث ما يُذكّرنا بملامح الأدب الروسي ّ
هذا العنوان ليس فيلماً وليس سيناريو قد تتعدد الآراء والتوقعات حول نهايته ..
وليس بذاك الطفل الصغير ” القيصر الصغير ” الذي استشهد في الأزمة وجاء الخسوف يخطف ُ النُّور من وجهه المنير
جاء من يحاولُ أن يعبثُ بأقدارنا
و يحرق ُ أبجديات السنين الضوئية و يغتالُ هويتها
و نور حقيقتها وأنوار حضاراتها الموغلة في قدم التاريخ
إنه القيصر
و ما أجمله من اسم ٍ تألّق نور
قبل أن يتحول إلى كابوسٍ ظالم
و قبل أن نرى فيه
ذاك المجنون السكيّر الذي يقتاتُ على أوجاعنا
و ينام مرتاح الضمير ..
ويلدغُ كالعقرب من برجه العاجي
حتى يكادُ يجف من ريحه المسمومة كلّ “نبع ماء و غدير “
آهٍ لو لم يقتل حمائم السّلام و صوت الهديل !
آهٍ لو لم يُقتل “القيصر الصغير”
و يُستبدلُ المعنى
ولعلّنا نتذكر قول ذلك الأب المفجوع الذي يسألُ ويقول :
لماذا تتبدّلُ معاني الكلمات ويُسرق نورها
ويُقتلُ كلّ شيءٍ جميل
مثلما استشهد ولدي “ربيع ” نتيجة مُصطلحات واهية غيّرت معالم حياتنا وتكادُ تحرقُ حقول القمحِ و يُشرّدُ وجه النخيل
وتنزلُ بنا نوائب الدهر ” نوائب الشيء المُسمّى ” قيصر السّيف الظالم
الذي يُسلّط على رقاب الفقراء ..
ويسرق خبز أيامهم الثكلى ..
يسرق النُّور من شموسهم حيث الأعين التي تدمعُ ظلماً
و حيثُ الأفئدة التي تتوه جوعاً
و حيثُ صوت ذاك الطفل الذي
يعاني مرض السرطان ويصرخ من أجل جرعات الأمل
“إنه يصرخُ ولكن لا من مجيب
يصرخ قائلاً : لماذا يُبنى لنا أضرحة ويقتل بياض الياسمين
و يزرع الألغام على الدروب الجائعين
و يحاول أن يخطف وجه الزَّمان الجميل
“إنه قيصر الآلام ” الذي يأتي إلى ديارنا
و يريدُ أن يحتلُ ما بقي من هوائنا
إنّه القانون الظالم و إن جاء ليذبحنا , و يحتلُّ لغات قمحنا
و طحينُ خبزنا , يريدُ أن يسرق ضوء قمرنا
و بيارات برتقالنا ..
يريد ُ أن يحلُّ علينا كما “كورونا أوجاع هذا الزمن الظالم “
لقد سألتُ أحدهم : لماذا غيّر اسم روايته إذ كان اسمها “قياصرة الحبّ”
آهٍ ما أجمله من عنوان لو تمَّ نشره
لقد جاوبني قائلاً : لم أعد أعرف
ربّما نفرتُ من الاسم بعدما أصبح سيفاً يريدُ قتلنا جميعاً
و رّبما أصبح يُمثل لنا فلسفات من العوز الحقيقيّ
و يمتثل كذاك الجلّاد الذي يريد أن نبقى جياع
نسكن في معتقل الحرمان ..
“نسكن وإذ به يجلد بنا .. يجلد بذواتنا التي أبت أن تُذَلّ
النفوس الكرام
وأبت أن تُهزَم أمام قيصر الآلام والعقوبات الظالمة