الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
ها قد حلّ الآن وباء في العالم أجمع، أطلق عليه كورونا (كوفيد 19). إنه ينتقل بسرعة هائلة، يعجز العقل عن تفسير انتقاله. يقولون إنه عبارة عن فايروس لا يرى إلا بمجاهر عالية الدقة، ومع ذلك فقد حطم وهم الإنسان بعظمته وسيادته على الكون. لقد غيّر هذا الفايروس الجغرافيا، والتحالفات، وأخضع سادة الحروب في الغرب للحجر في منازلهم. لقد فعل هذا الفايروس ما لم تفعله كتب العالم أجمع.
في هذا العصر، الذي يتميز بانتقال المعلومة بلمح البصر، يحتاج الكتاب الحقيقي لكي ينتشر لسنوات عدة، ويحتاج لسنوات أخرى كي يصبح مقروءاً. أما هذا الفايروس فقد استطاع أن يشتهر خلال ساعات، وأن يُكتب عنه أكثر مما كُتب عن كل المؤلفات الخالدة عبر التاريخ، ليس لأن الناس يحبون القراءة والكتابة، بل لأن حياتهم وأرضهم أصبحت مهددة بالفناء. إن الكتابة هنا وسيلة دفاع وتوسل في الوقت نفسه.
هل سيكون لدينا متسع من الوقت – باعتبار الوقت أصبح ملكاً للفايروس الآن – لكي نكتب عن هذا الوباء؟
ربما سنكتب. ولكن أتمنى – إن بقيتُ حياً ولم يقضِ عليّ الفايروس – أن أقرأ كتابات لها قيمة، مختلفة، ومؤثرة في هذا العالم، ولتكن على سبيل المثال شبيهة برواية «الطاعون» لألبير كامو.
هل هذا ممكن؟
ربما.
ومهما كانت الكتب التي ستنشر، فإن الحزن سيكون كبيراً، لأن عدد الناس الذين يموتون كل يوم، ينذر بأن هذا التقدم، لم يستطع أن يفعل شيئاً، لأن الدول المتقدمة لم تسخّر قوتها وتقدمها للحفاظ على حياة الناس وصحتهم، بل كانت تصنع السلاح لقتل الإنسان.
التاريخ: الثلاثاء21-4-2020
رقم العدد : 995