لم يعرف التاريخ المعاصر بلداً تعرّض لما تعرّضت له سورية منذ أن كان قرارها السيادي المستقل.. حروب تُشن عليها سراً وعلانية، يخططون في الأقبية ومعاهد الدراسات، وينفذون، ويبحثون عن أدوات يخوضون بها الحروب، تلونت وسائل عدوانهم حتى يمكن القول بثقة: لم يبقَ لون من ألوان العدوان إلا وجرّبوه من المباشر إلى ما في تقنيات العلم الحديث ولاسيما ثورة المعلومات والتواصل والإعلام.
مع بداية الهجمة المجنونة على سورية منذ ما يقارب السنوات العشر، جنّدوا كل وسائل الإعلام الغربية، ليصل العدد إلى أكثر من 800 محطة ووسيلة إعلامية عملت وما زالت على ضخ الأخبار الملفقة والكاذبة وفبركتها، واخترعوا شاهد العيان، وغير ذلك محطات غربية وعربية، ومال أغدق عليها بإشراف مراكز دراسات وتوجيه استخباراتي غربي، ومع ذلك كان الإخفاق مصيرهم.
خسروا جولات وجولات، وسوف يخسرون كل الجولات القادمة، لكنهم لم يتراجعوا، اليوم من جديد يشحذون وسائل ضخهم المعادي في الكثير من الأماكن التي يمكن لهم أن يصلوها علانية، أو سراً، أو تهكيراً واختراقاً، اتخذوا من غباء البعض وسيلة لنشر إشاعاتهم والعمل على موجة جديدة من الأضاليل التي ينسجها خيالهم المريض، تساندهم في ذلك قوى غربية، ترفدهم بكل ما يحتاجونه.
لم يشغلهم الوباء الذي يفتك بالعالم، بل انشغلوا بالتخريف والتهريف على سورية، جيشاً وشعباً وقيادةً، سورية التي تدافع عن العالم كله، وتمضي في محاربة الإرهاب والتصدي له، وهذه المهمة المقدسة لم تثنها عن التصدي للوباء المستجد في العالم، بل أذهلت العالم بالقدرة على العمل والتفاعل وصلابة المؤسسات السورية التي حاول العدوان المستمر أن ينال منها، لكنها دائماً تجدد حيويتها وقدرتها وفعلها الخلاق.
اليوم أكثر من أي وقت مضى نحتاج إلى المزيد من الوعي والحذر والقدرة على الفرز، ثمة عدوان لا يرحم ولايعرف إلا كهوف التآمر، يضخ ويضخ ما يفبركه من الأخبار الملفقة والكاذبة، وثمة من يغرق في وحله ويعمل نسخاً ولصقاً، من حيث يدري أو لا يدري، في هذا الفضاء الأزرق الواسع ما من أحد منا خارج المسؤولية والعمل على تعرية أكاذيبهم التي تتجدد باستمرار، علينا ألا نغفل لحظة واحدة عن عدو أخطر من الفايروسات التي تتجدد بطفرات وراثية لتفتك بالبشر، وهم كلما ابتكروا شيئاً في عالم التفاعل والتواصل، يعملون على استخدامه أداة للحروب والعدوان، لا من أجل التواصل والتفاعل.
أمام هذا الجنون، لابد من عمل جماعي حقيقي، ويقظة مستمرة، وكما تعرت أساليبهم سابقاً فنحن قادرون على تفكيكها وتعريتها، فضح ما يقومون به، وما من أحد خارج المسؤولية، وحذار من النيات التي تظن أن النسخ واللصق يعني المهارة والقدرة والتفاعل، فمن يقم بذلك ترويجاً للأضاليل والأكاذيب فليس إلا بوقاً من حيث يدري أو لا يدري لمن يريد الموت والدمار لنا.
معاً على الطريق- بقلم أمين التحرير: ديب علي حسن