ثورة أون لاين _ مصطفى المقداد
طغى فيروس كورونا كمسبب لوباء عابر للحدود، فتراجع حضور الإرهاب عن الساحة الإعلامية مفسحاً المجال للقاتل الجديد الذي يستخدم سلاحاً مجهرياً دقيقاً لا تدركه عيون البشر، فيتوزع الإرهاب وكورونا الأدوار للقضاء على البشر ويتبادلان المواقع بإدارة قد تكون واحدة تقبع في غرف مظلمة، تسعى للسيطرة على العالم كله من خلال التحكم بمقدراته والاستيلاء على ثرواته واستلاب مصير بشره وتحريكهم كدمى وروبوتات يتم التحكم بحركاتها وأعمالها من غرفة العمليات المظلمة ذاتها.
وما بين الإرهاب والفيروس المستحدث والمستجد ثمة علاقة مؤكدة قوامها عمليات المد والجزر في تلك العلاقة، حيث يرى البعض أن فيروس كورونا أسهم في تقليل حركة الإرهابيين وحدّ من قدرتهم على التحرك، وبالتالي فقد تراجع حجم الإرهاب دون عمليات عسكرية ودون خسائر مادية أو بشرية من جانب القوى التي تحاربه، بينما يظهر رأي آخر أكثر قوة وحضوراً مفاده أن هذا الفيروس يقوم بالهدف العدواني ذاته لمن صنع الإرهاب وبدأ يستثمر فيه في مناطق مختلفة من العالم، ومنها المنطقة العربية، فهو قد أوقف معظم النشاطات وشل حركة الناس إلى درجة كبيرة وأضعف الاقتصادات المحلية ومنع حركة الانتقال، وأفرغ المستشفيات من كوادرها وأطبائها وحولها مع فنادق ومقرات ومنشآت غيرها إلى مراكز حجر وعزل تتفق في الهدف وتختلف في أساليب التعامل مهنياً وزمنياً، وبالتالي فإن هدف العدوان والمتآمرين يتم تحقيقه بطريقة أخرى.
ويذهب البعض في دعم فكرة اصطناع الفيروس مخبرياً لاستخدامه كعنصر من عناصر حروب الجيل الرابع إلا أن أرقام الضحايا التي تعلن عنها الحكومات الاستعمارية ليست من الدقة بالصورة التي يتم الإعلان عنها، إضافة إلى أن أولئك الضحايا أصلاً هم الأفراد الذين تسعى حكوماتهم للتخلص منهم باعتبارهم كباراً في السن أو مرضى، وقد أصبحوا يشكلون عبئاً اقتصادياً على خطط التنمية الاجتماعية الداخلية، وبالتالي فإنهم يمثلون الذريعة الكبرى التي يعلنون عنها بأن العالم يقف اليوم كله في جهة واحدة لمكافحة الفيروس المنتقل والعابر للحدود، ما يعيد إلى الأذهان الموقف الدولي التالي للهجوم اللغز على برجي التجارة العالمية في نيويورك في الحادي عشر من أيلول، لنبدأ مرحلة محاربة الإرهاب وتبقى ذريعة للولايات المتحدة الأميركية تستخدمها لمحاربة الحكومات والدول والمجتمعات والمجموعات والمنظمات التي تقف في وجهها وتعارض مشروعها الاستعماري الصهيوني الواحد.
ومهما يكن من أمرِ فيروس كورونا ومنشئه وآلية تحريكه واستخداماته، فإن الوقت لن يطول حتى تتكشف الكثير من خبايا اليوم مع وجود ثقة تامة لدينا بأن محور المقاومة اتخذ جميع أساليب الرد لمواجهته، سواء كانت مخابر أبحاث الاستخبارات العسكرية الأميركية قد أنتجته لتدخله في مرحلة حروب الجيل الخامس لاستلاب إرادة الأفراد والمجتمعات من الداخل، أو كان يمثل تطورات طبيعية له، فإن الأمر لن يتغير بالنسبة لمحور المقاومة، وستبقى الحروب مفتوحة على احتمالات متغيرة، لكن نهايتها المؤكدة نصرنا الموعود.