تقنية الزيف العميق

ثورة أون لاين _ د .خلف المفتاح

في إطار تطوير التضليل والتزييف الإعلامي بدأت مؤسسات وشبكات صناعة الرأي العام تستعمل تقانة جديدة عبر الفيسبوك وتويتر وتليغرام وغيرها، أطلق عليها تقنية الزيف العميق، وتتلخص في إجراء تقاني يقوم على نسبة كلام أو تصريح أو صورة لشخص ما غير صحيحة، بحيث يبدو الكلام كلامه والصورة صورته والحركة حركته، ما يعني أننا إما ظاهرة غير عادية في عالم تقانة الإعلام والصورة والقدرة على التضليل والخداع، عالم أصبح فيه الأشخاص قادرين على التأثير أكثر بكثير من مؤسسات إعلامية وازنة بكادرها وخطابها وتقانتها وعراقتها.

لقد كان التعريف التقليدي للسياسة هي أنها فن الكذب والخداع، وقد انبرى العديد من الكتاب والباحثين في العلوم السياسية والاجتماعية وصناعة الرأي العام إلى تسفيه ذلك التعريف والقول بأن السياسة علم وفن قيادة الجماهير والدول، وهذا صحيح من حيث المبدأ، ولكن واقع الحال وما تشهده الحلبة السياسية العالمية يستعيد التعريف المشار إليه سابقاً، وهو أن السياسة فن الكذب والخداع، وأداتها راهناً وذراعها ومسوقها هو وسائل الإعلام ليس كناقل فقط وإنما كصانع للحدث، ولعل الحديث عن تقنية الزيف العميق هو الدليل العملي الذي تمت الإشارة إليه، ولاسيما أنها أصبحت إلى حد كبير ذراعاً أساسية في تحقيق ذلك عبر ما تبثه العديد من وسائل الإعلام من مواد إخبارية لوقائع وأحداث يشهدها العالم، وتحظى بمتابعة واسعة من مئات الملايين من المشاهدين في شتى أنحاء المعمورة، ولعل ما أحدثه فيروس من صدمة للحكومات والرأي العام العالمي المؤشر الحقيقي على ذلك، فالكل بدأ يتحدث عن الجهة المسببة له أو المتسببة به، وتوزعت الاتهامات بين فيروس سياسي أو خطأ بحثي جرى في سياق سباق محموم على امتلاك تقانة ما بعد الحداثة، إن لم يكن محاولة احتكارها كسلعة اقتصادية في ظل الثورة المعرفية التي يشهدها العالم منذ عدة عقود وتحويلها إلى رأسمال تنافسي.

إن عالم السياسة المحكوم بالمصالح وأحياناً كثيرة بنزعة الهيمنة والتوسع لا تحكمه بالتأكيد أجندة من القيم والأخلاق، ولكن هذا يجب ألا ينحدر إلى هذا المستوى من التهافت والاستهتار بالحقائق وضرورة وأهمية الأخذ بالاعتبار الحدود الدنيا من القيم الإنسانية واحترام إنسانية البشر أياً كانت مذاهبهم السياسية أو الدينية والعرقية وهوية بلدانهم في ظل الاستقطابات الحاصلة في المشهد الدولي، ولاسيما المنافسة بين عالم الكبار للقبض على عجلة ودفة الاقتصاد العالمي للتحكم بمسار ومصير البشرية وسط تنكر كامل لحقوق الشعوب والطبيعة في مناخ آمن اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.

تؤكد مؤشرات كورونا أن الاستلاب الاقتصادي والعلمي والأخلاقي يستجر حتماً غضباً وردة فعل لا يمكن التكهن بحجمها ومصدرها وسياقاتها، وما تحمله من مفاجآت ليست في حسابات مطابخ القرار وغرف الإعلام المظلم والمضلل.

إن تقنية الزيف العميق لن تفلح في مواجهة الوعي العميق، ما يستدعي الحاجة الماسة لإعادة النظر بكل ما تتجه إليه خطط وبرامج وأجندات مراكز القرار العالمي من اتباع وسائل خبيثة ولا أخلاقية لجهة تحقيق مصالح ضيقة لنخب اقتصادية في عولمة متوحشة أصبحت أكثر مكيافيلية من الأمير، وتجعل من وسائل الإعلام مطيتها وأداتها في ذلك، ما يفقده رسالته الأساسية وهي قول الحقيقة، ونقلها ومد جسور المحبة بين البشر لا إقامة جدران وأسوار من الكراهية والحقد.

 

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً