ذكرى النصر.. من يزرع الريح يحصد الإعصار !

يتزامن الاحتفال العالمي بعيد النصر على النازية في الحرب العالمية الثانية مع أوضاع دولية معقدة وغير مستقرة تسود فيها لغة القوة والهيمنة والتفرد وتفتقد إلى التعاون الدولي لمواجهة التحديات الخطيرة التي تعصف بالعالم.
ففي ذكرى هذه الحرب التي أودت بحياة الملايين وأدت إلى دمار واسع تصر الولايات المتحدة بدعم من حلفائها على نشر رؤوس نووية في أوروبا والتهديد باستخدام السلاح النووي من غواصاتها المنتشرة حول العالم، وتوجه سهامها وتهديداتها للصين وتفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، والأخطر من ذلك تعلن الاستئثار باستثمار موارد القمر فاتحة الباب لمزيد من التوتر على الصعيد الدولي الذي قد ينفجر بحرب لا يمكن تقدير أخطارها ليس على البشرية فحسب بل على كوكب الأرض برمته.
لا تختلف النوازع العنصرية والأطماع النازية التي كانت الشرارة الأولى لاندلاع الحرب العالمية الثانية من حيث المبدأ والغاية عن السلوك السياسي لبعض الدول الغربية التي تسعى للتحكم بمصير العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة، مستخدمة كل إمكاناتها المادية والعسكرية لفرض سطوتها وتعطيل عمل كل المؤسسات الدولية إذا لم يستجيب أداؤها لما تسميه مصالحها القومية.
من المعلوم أن التداعيات الإيجابية للانتصار على النازية لم تسخّر لخدمة البشرية ولمنع تكرار مثل هذه الحروب المدمرة، بل جيرت نتائجها من قبل بعض الدول المنتصرة في السياق نفسه الذي كان يطمح إليه النظام النازي في تلك الفترة، وتم توظيف منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها لتكون الذراع الضاربة في فرض الهيمنة الغربية على العالم بأشكال توحي بالحضارة والديمقراطية، ولكنها في واقع الأمر أداة تسلط حقيقية على الشعوب، وبني العالم على أساس قطبين متصارعين لم تسعفه لحظة انكسار القطب الشرقي حيث وجدت واشنطن فرصة سانحة للاستئثار بالعالم وجعله حديقة خلفية قريبة وبعيدة لها بدلاً من أن تحول هذه اللحظة إلى فرصة لنبذ الصراعات والحروب المفتعلة والتدخلات في شؤون الدول الأخرى وتعميم لغة المصالح المشتركة وسيادة القانون الدولي.
مع الأسف لاتزال واشنطن وحلفاؤها، رغم كل المخاطر المحدقة بالعالم وتراكم عوامل التفجير في أي وقت، يزرعون الريح في كل مكان من دون أن يتحسبوا للعاصفة أو الإعصار القادم، وعلى ما يبدو فالحروب الصغيرة التي تفتعلها الدول الغربية هنا وهناك على شفا انتهاء الصلاحية وتحقيق الأهداف المبتغاة، الأمر الذي يضاعف من احتمال اشتعال الحريق الكبير من جديد، وتبقى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في يوم النصر على النازية إلى منع المحاولات الجديدة لإثارة الخلاف بين الناس ونشر الكراهية وتذكر العواقب الخطيرة والرهيبة للحرب العالمية الثانية على العالم أجمع، من دون صدى يذكر في ظل الصدى المرتفع لاستخدام الأسلحة النووية ذات الرؤوس الصغيرة.
إن الدليل الحي على مضي العالم في الاتجاه غير الصحيح هو التفاعل الدولي لمواجهة وباء كورونا والذي أظهر خبث نوايا دعاة “القرية الصغيرة” والاقتصاد المفتوح والحدود المفتوحة والتعاون المشترك وغيرها من المصطلحات الطنانه التي انتهت فاعليتها مع أول اختبار حقيقي يواجه البشرية جمعاء.
في ذكرى الانتصار على النازية العالم يقف على مفترق طريقين لا ثالث لهما، يتجسد الأول: بالعودة للاستفادة من دروس الحرب العالمية الثانية بما يخدم شعوب العالم أجمع وليس دولاً بعينها حسب إمكانية مشاركة وتفاعل كل دولة فيه، وبالتالي استعادة السلام والأمن والكرامة للجميع،
والثاني: المضي في سياسة التسلط والهيمنة والتفرد التي نعيش إفرازاتها المختلفة والمتعددة الأوجه في أكثر من منطقة في القارات الخمس، وصولاً إلى اليوم الذي يستفيق فيه سكان المعمورة والصواريخ النووية تتساقط في كل مكان.
على النحو الذي نراه اليوم يتقدم الخيار الثاني بخطوات عديدة على الأول ويضاعف إلى ذلك مقومات هدم وتدمير وخراب جديدة تبدأ برغبة القوى المتسلطة الاحتفاظ بسلوكيات افتعال الحروب الصغيرة وتغذية الخلافات بين الشعوب والأعراق وضمن المجتمع الواحد، والرغبة في الاستحواذ والسيطرة والهيمنة والتطرف وتوظيف الإرهاب، والقائمة تطول وصولاً إلى الأسلحة النووية.
قد يسأل كثيرون: أين نحن العرب من كل ما يجري حول العالم؟ والجواب ببساطة أبعد بكثير من دفن الرأس في الرمل.

 معاً على الطريق- أحمد ضوا

آخر الأخبار
أسواق حلب.. معاناة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة مهارات التواصل.. بين التعلم والأخلاق "تربية حلب": 42 ألف طالب وطالبة في انطلاق تصفيات "تحدي القراءة العربية" درعا.. رؤى فنية لتحسين البنية التحتية للكهرباء طرطوس.. الاطلاع على واقع مياه الشرب بمدينة بانياس وريفها "الصحة": دعم الولادات الطبيعية والحد من العمليات القيصرية المستشار الألماني الجديد يحذر ترامب من التدخل في سياسة بلاده الشرع: لقاءات باريس إيجابية وتميزت برغبة صادقة في تعزيز التعاون فريق "ملهم".. يزرعون الخير ليثمر محبة وفرحاً.. أبو شعر لـ"الثورة": نعمل بصمت والهدف تضميد الجراح وإح... "الصليب الأحمر": ملتزمون بمواصلة الدعم الإنساني ‏في ‏سوريا ‏ "جامعتنا أجمل" .. حملة نظافة في تجمع كليات درعا سيئول وواشنطن وطوكيو تتفق على الرد بحزم على استفزازات بيونغ يانغ تنفيذي الصحفيين يجتمع مع فرع اللاذقية درعا.. تبرع بالدم لدعم مرضى التلاسيميا غارات عنيفة على النبطية .. ولبنان يدعو لوقف الاعتداءات الإسرائيلية "زراعة القنيطرة".. دعم الفلاحين بالمياه والمستلزمات للزراعات الصيفية فلاحو درعا يطالبون بتخفيض أسعار الكهرباء توفير الأسمدة والمحروقات أول عملية وشم واسعة النطاق للخيول الأصيلة في دير الزور إدلب: في أول جولة له بالمحافظة.. وزير الاقتصاد يطَّلع على الواقع الصناعي والتجاري مرتبطة بسمعة الطبيب السوري.. كيف يمكننا الاستثمار في السياحة العلاجية