الملحق الثقافي:جيهان رافع:
هو الصعب والقاسي، لكنه الأكثر قدرة على التعايش معه، إذا ما كان الوعي سيد الموقف، العالم كله حبس أنفاسه لحين من الزمن، ومازال يحاول الخروج من ثقب النهار، إنه زمن الكورونا، الوباء الاكثر والأسرع انتشاراً، ولكنه الأخف وطأة وحضوراً. كما أسلفنا، إذا ما أحسنا التعامل معه، وربما يصدق قول أحدهم: إن لدى هذا الفايروس نوعاً من الأنفة، فهو لا يأتيك إلا إذا ذهبت إليه، أحضرته بنفسك إلى جسدك وبيتك وأهلك.
بكل الأحوال، هذا الحجر الذي سمي في العالم كله، حجراً صحياً أو احترازياً، أو إجراءات وقائية، سمها كما شئت، زمن من أعمارنا، لا بد أن يمضي، ولكن كيف نمضيه، كيف نقضيه، وماذا فعلنا، بل ماذا علينا أن نفعل؟
أليست حياتنا هذه، وهل من المعقول أن نبقى هكذا، رهائن البيت؟ أليس المعري فيلسوف الشعراء، وشاعر الفلاسفة قدوة لنا في رهائنه التي كانت عطاء وقدرة على الإبداع، ومنها أنه رهين البيت!
قد يمر وقت طويل ونحن نحاذر النهار عملاً، نمضي الساعات، ونعيد طرح السؤال: وماذا بعد؟
هل فكرت الأسر أن تكون العطلة القسرية فسحة للتفاعل الفكري والحضاري والثقافي؟ ماذا عن مكتبة البيت التي يفترض أنها ركن أساس فيه؟ أطفال اليوم نسغ الغد، رفقة الكتاب والقصص والحكايا التي ترو ى لهم بطريقة ما، سوف تشدهم إلى عوالم القراءة والمطالعة، كل حسب رغبته وهواياته، وهذا ما يجعلنا نفكر بصوت عال: لماذا لا تتجه دور النشر مع المؤلفين إلى البحث عن لون من ألوان الإبداع الذي يناسب هذه الظروف الطارئة التي قد تتكرر مرات ومرات؟ من يدري، فنحن في عصر الأوبئة بغض النظر عن مصادرها.
قد يكون الأمر مهماً جداً، بالعمل على تطوير أساليب تواصل خلاق وفعال مع الأطفال في هذه الظروف بعيداً عن الاستلاب الإلكتروني والغوص في متاهات الأزرق القاتل.
وما ينسحب على أطفالنا بالضرورة هو لنا، ومنا، ونحن القدوة في ذلك، سيمضي وقت طويل ريثما تتكشف كواليس الكورونا كوباء، وأيضاً كواليسه الاجتماعية والثقافية، وحكايات الحجر التي عشناها، وربما علينا أن نطرح السؤال بعد أن تغرب هذه الملمة: هل خرجنا من حجرنا كما كنا، أم أن الدرس كان مفيداً؟
التاريخ: الثلاثاء12-5-2020
رقم العدد :998