أتحفتنا الفضاءات المفتوحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي ظل العزل الصحي بالعديد من المظاهر التي ربما تستحق أن نقف عندها لندخل إلى عوالم كانت تبدو أكثر غموضاً أو هي بعيدة عن اهتمامنا في زمن مضى، لكنها اليوم تظهر على السطح بقوة، لنكتشف ماذا تنضوي عليه ثقافات أولئك الناس الذين يتصدرون واجهات تلك الصفحات الزرقاء.
ففي الوقت الذي نتابع فيه دعوات إلى الاستمتاع بالموسيقا عبر الشرفات في واحدة من الدول، وحملات من أجل ضرورة استثمار الوقت في مشاركة الآخرين بالأفكار الإيجابية من أجل الفائدة والمتعة معاً، ونتوقف في أحيان أخرى عند أفلام قصيرة تدعو إلى التعامل مع الجائحة التي حلت في البلاد كأمر واقع.. هذه المظاهر وغيرها كثير ما يعبر عن وعي لافت وثقافة حقيقية في موضوع “كيف ندير الأزمات”، نجد على النقيض من ذلك بعضهم حاول أن يسطح كل شيء عبر سخرية مجانية، ما يحدث دون أن يعير الأمر بالاً أو اهتماماً ما يؤكد افتقاده أدنى معايير المسؤولية.
والمؤسف أن البعض ونقصد هنا بهذا “البعض” من الفنانين والأدباء والأعلام ممن كنا نعول على دورهم في الأزمات، قد استثمروا هذا العزل في إظهار جوانب خاصة من حيواتهم المنزلية ماذا يلبسون، وكيف يتفننون في أنواع الطعام، وكيف ينتقدون العزلة والملل، من دون أن يقدموا تجربة مفيدة قد تشكل فرقاً في حياة البعض.
وكما يقولون: “في الشدائد تظهر معادن الناس” وأي معادن يمكن أن نتوقف عندها ونحن نرى هذا التهافت على الصفحات بألوانها كافة، لملئها بما لا يسمن ولا يغني من جوع، إلا من أخذ على عاتقه مهمة إشعال شمعة بدل أن يلعن العتمة.
مسؤولية تطول الجميع، ويجب أن نضطلع بها في نشر الوعي والثقافة، لنأخذ بأجيالنا إلى عالم الفكر والإبداع والتفكر الموضوعي البناء، وما أحوجنا إلى أقلام تكتب في سماءاتنا عنوان نصر جديد على الجهل وتسطيح الفكر، وما أحوجنا إلى ثقافة تشبهنا وترتقي بنا إلى علياء الخير والحب والتسامح.
رؤية- فاتن أحمد دعبول