ثورة أون لاين:
شكل انتحار المبدعين ظاهرة حظيت بالدراسة والمتابعة من قبل النقاد والمهتمين , وقد صدرت مجموعة من الكتب عن هذه الظاهرة , منها كتاب (أدباء منتحرون ) وجاءت بعده موسوعة صدرت في لبنان تعنى بمتابعة من انتحر من المبدعين العرب والعالميين , اليوم تصدر دار التكوين بدمشق الاعمال الكاملة للشاعرة الأميركية المنتحرة (سيليفا بلاث)
وقد طرحت السؤال الكبير التالي :لماذا انتحرت سيلفيا بلاث ؟ والأصحّ لماذا ظلّت تحاول الانتحارَ طوال سنين حياتها القصيرة ؟ قد تكون أخفقت مراراً ، منذ سنّ المراهقة ، لكنّها لم تيأس من اليأس ، أو قلْ من وعدِ الموت ، و ظلّتْ تحاول إتقانَ تلك اللعبة الخطرة على حافّة الهباء ، لم تيأس من مغازلة هذا العشيق ، القاتل ، مرّةً بعد أخرى ، وحين نجحت في المحاولة الأخيرة ، وماتت حقاً ، وُلدتْ شعرياً من رمادها ، كطائر الفينيق ، لتنسجَ اللغةُ ، بعد غيابها ، أسطورة الشاعرة التراجيدية التي انتحرتْ في أوج توهّجها .
الأشجارُ تيبسُ في الشّوارع .
والمطرُ يفتّتُ الأشياءَ .
أكادُ أتذوّق قطراته على لساني .
أتذوّقُ الرّعبَ الملموسَ ،
والرّعبَ الذي يقفُ ،
و الرّعبَ الذي يستريحُ …
الموتُ فنٌ ،
ككلِّ شيءٍ آخر .
و أنا اؤدّيه ببراعةٍ استثنائيّةٍ .
محطات في حياتها
سيلفيا بلاث من مواليد 27 تشرين اول 1932 انتحرت بشباط , 1963) شاعرة وروائية وكاتبة قصة قصيرة أميركية، تعد رائدة الشعر الاعترافي، كتبت الناقوس الزجاجي إحدى أشهر الروايات الأميركية الحديثة، توفيت منتحرةً في 1963 بعد تشخيصها بالاكتئاب السريري لفترة طويلة من حياتها. حصدت بعد وفاتها جائزة البوليتزر
ولدت في ولاية ماساتشوستس من الولايات المتحدة الأميركية ودرست في جامعة سميث وجامعة نيونهام في كامبريدج قبل أن تشتهر كشاعرة وكاتبة محترفة. تزوجت من الشاعر تيد هيوز في 1956 وعاشوا أولاً في الولايات المتحدة قبل أن ينتقلوا إلى بريطانيا، لديهم طفلان: فريدا ونيكولاس.
لا يزال الجدال يدور حول أحداث حياتها ووفاتها وعن كتاباتها وتراثها، فقد كانت معروفة بديوانها المشهور: “العملاق” و”قصائد أخرى وأرييل”.وفي عام 1982 أصبحت أول شاعرة تفوز بجائزة البوليتزر وكان هذا بعد وفاتها، وذلك لديوانها “القصائد المتجمعة”، وكتبت أيضا “الناقوس الزجاجي” وهي عبارة عن سيرة ذاتية نُشرت قبل وفاتها بوقت قصير، تعد الآن من أشهر الأعمال الأدبية الأميركية التي تُرجمت إلى عدة لغات.
محطات
ولدت بلاث خلال فترة الكساد الكبير في السابع والعشرين من تشرين أول 1932 في مستشفى ميموريال في حي جامايكا ماساتشوستس في بوسطن، كانت أمها أورييليا شوير بلاث من أصول نمساوية ووالدها أوتو أميل بلاث من جرابو ألمانيا، و كان أستاذًا للأحياء واللغة الألمانية في جامعة بوسطن، ومؤلف كتبٍ عن النحل، وقد كان منبوذًا من قبل عائلته عندما اختار ألا يصبح وزيرا لوثرية كما تمنى منه أجداده. التقى بأوريليا التي كانت تدرس الماجستير في التدريس أثناء حضورها إحدى دوراته، هذا ما يشير إلى فارق العمر بين والدي بلاث وهو إحدى وعشرون سنة.
ولد شقيق بلاث في نيسان 1935 وانتقلت العائلة لتعيش في نثروب في 1936مسقط رأس والدتها، وعاشت في ذلك الجزء من البلدة المسمى ببويت شيرلي، وهو مذكورٌ في شتى أشعارها. في ذلك الوقت نشرت قصيدتها الأولى في سن ثماني سنوات في مجلة بوسطن هيرالد ومجلة بوسطن ترافلر في القسم المخصص لأطفال، بالإضافة إلى الكتابة، أظهرت مهارات جيدة في الرسم خاصة بعد فوزها بجائزة في فن الكتابة والفن لاحدى من لوحاتها في 1947.
توفي والدها أوتو بلاث في الخامس من تشرين ثاني 1940 بعد أسبوع ونصف من عيد ميلادها الثامن، إثر مضاعفاتٍ خطيرة بعد بتر رجله بسبب مرض السكري غير المعالج، حدث ذلك بعد تشخيصه الشخصي تجاه أعراض مرضه بأنها تشابه أعراض صديقٍ له مصاب بسرطان الرئة، ولم يسع للعلاج إلا في وقتٍ متأخر، ودفن في مقبرة نثروب.
تم تربية بلاث على أسس ميسحية موحدة، ولكن بعد وفاة والدها فقدت إيمانها وظلت متناقضة حول الدين طوال حياتها، كما أن زيارات قبر والدها دفعتها لكتابة القصيدة “أليكترا على مسار الأزالية”. بعد وفاته انتقلت والدتها أوريليا وأطفالها وأهلها إالى إلوود روود في ويسلي ماساتشوستس في 1942، درست بلاث في برادفوورد المرحلة الثانوية وتخرجت في 1950.
الصدى الأدبي في شبابها
بالتزامن مع تسجيلها في جامعة سميث قاربت بلاث على كتابة أكثر من خمسين قصة قصيرة ونُشرت في مجموعة من المجلات.
دراسيًا تخصصت في اللغة الإنجليزية وفازت بجميع الجوائز الكبرى في الكتابة والبحوث العلمية، وقامت بتحرير مجلة الجامعة مادموزيل وعند تخرجها فازت بجائزة جلاسكوك لكتاباتها: “المحبوبان” و”المتجول على البحر”، وفي وقت لاحق، كتبت لمجلة اسكواش التي نشرت مجموعتها الأولى “العملاق وقصائد أخرى” في بريطانيا في أواخر الستينيات.
كانت بلاث على قائمة أصغر منافسة لكتاب الشعراء
في جامعة ييل، وطبعت أعمالها في مجلة هاربر، ومجلة ذي سبيكتيتر وفي الملحق الأدبي لمجلة تايمز.
و كانت لها عقد مع مجلة نيويروكر ومن هنا أنطلقت سمعتها.
منشورات بعد الوفاة
بقي تأثير ديوانها “أرييل” حبيسًا حتى نشر بعد وفاتها ولاقى نجاحًا واسعًا، كما نشر لها في العام 1975 كتاب منزل الرسائل، وهو مجموعة من رسائل سيلفيا التي وجهتها إلى أفراد عائلتها في مراهقتها، مع إجراء والدتها بعض التعديلات
انتحارها
شرع الدكتور هوردر وهو صديقها المقرب في صرف مضادات الاكتئاب لبلاث قبل بضعة أيام من وفاتها، رغم أنه كان عرضة للخطر إلى جانب أطفالها، إلا أنه استمر في زيارتها بشكلٍ يومي وحاول بشتّى الوسائل إدخالها لتلقي العلاج في أحد المستشفيات ولكن وسائله تلك لم تثمر بنتيجة تُذكر، وعندما أخفق في جعلها تحصل على العلاج وفّر لها ممرضةً متفرغة على مدار الساعة. جادل بعض المعلقين بأن فعالية العقاقير تستغرق فترة تصل إلى ثلاثة أسابيع بالتالي وصفة هووردر لم تأتِ بفائدة .
كان من المقرر أن تصل الممرضة في الساعة التاسعة صباحًا من يوم الحادي عشر من شباط 1963 لمساعدة بلاث في رعاية أطفالها، عند وصولها لم تستطع دخول الشقة، واستطاعت الدخول مستعينةً بالعامل تشارلز لانجريدج ليجدوا جثة بلاث، وقد ماتت اثر التسمم بأول أكسيد الكربون بعد أن حشرت رأسها في الفرن، وقد حرصت على وضع مناشف مبللة تحت الأبواب لتكون حاجزًا بين المطبخ وبين غرف أطفالها ويتوقع أن وقت تنفيذ ذلك كان قرابة الرابعة والنصف صباحًا داخل فرن الطهو في مطبخها أثناء تشغيله، لتموت منتحرةً وهي ابنة الثلاثين عامًا